مجدد القرن الـ 20

حسن البنا وبالكامل حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا الساعاتي (17 أكتوبر 1906 - 12 فبراير 1949م ) (1324هـ - 1368هـ) هو مؤسس حركة الإخوان المسلمين سنة 1928 في مصر والمرشد الأول لها، وهي منظمة سياسية إسلامية مكافحة تهدف إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في الحياة اليومية، وإعادة الحكم الإسلامي كما كان زمن الخلفاء الراشدين. قال حسن البنا«إن الإسلام عقيدة وعبادة ووطن وجنسية ودين ودولة وروحانية ومصحف وسيف.» في ظل تشتت الأمة الإسلامية ووقوعها تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي والغزو الفكري الأوروبي للوطن العربي أخذ حسن البنا يدعو الناس إلى العودة إلى السلام ونشر مبادىء الإسلام في جميع المدن المصرية والريف. نشأ البنا في أسرة متعلمة، حيث كان والده الشيخ أحمد عبد الرحمن من علماء الحديث الأفذاذ وهو مؤلف كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل. وأوّل مقال نشره حسن البنا كان سنة 1928 في جريدة الفتح تحت عنوان الدعوة إلى الله. وآخر مقال نشره قبل قتله كان بين المنعة والمحنة ونشر في كانون أول عام 1948 في جريدة الإخوان اليومية قبيل صدور قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين في نفس الشهر

أخذ البنا التصوف عن الشيخ عبد الوهاب الحصافي شيخ الطريقة الحصافية الشاذلية في عام 1923 حيث كان للشيخ الحصافي أثر كبير في تكوين شخصية البنا.تخرج البنا من دار العلوم عام 1927 ثم عين مدرساً في مدينة الإسماعيلية عام 1927 ونقل إلي مدينة قنا بقرار إداري عام 1941 ثم ترك مهنة التدريس في عام 1946 ليتفرغ لإدارة جريدة الشهاب. توفي البنا في مساء يوم السبت 14 من ربيع الآخر 1368هـ الموافق 12 فبراير 1949 وذلك أمام جمعية الشبان المسلمين بشارع رمسيس بالقاهرة، حيث رمي هناك برصاصات وُجهت إليه حمل على إثرها إلى المستشفى، وترك فيه ينزف حتى مات.
تأثر البَنّا بعدد كبير من الشيوخ والأساتذة؛ منهم والده الشيخ أحمد، والشيخ محمد زهران - صاحب مجلة الإسعاد وصاحب مدرسة الرشاد التي التحق بها حسن البَنَّا لفترة وجيزة بالمحمودية - ومنهم أيضًا الشيخ طنطاوي جوهري صاحب تفسير القرآن (الجواهر)، ورَأَس تحرير أول جريدة أصدرها الإخوان المسلمون سنة 1933.
كما كان للبنا نتاج أدبي ومؤلفات منها رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، وهي تعتبر مرجعًا أساسيًّا للتعرُّف على فكر ومنهج جماعة الإخوان بصفة عامة،ومذكرات مطبوعة عدة طبعات أيضًا بعنوان مذكرات الدعوة والداعية ولكنها لا تغطِّي كل مراحل حياته، وتتوقف عند سنة 1942 وله عدد كبير من المقالات والبحوث القصيرة، وجميعها منشورة في صحف ومجالات الإخوان المسلمين التي كانت تصدر في الثلاثينيات والأربعينيات، إضافةً إلى مجلة الفتح الإسلامية التي نشر بها أول مقالة له بعنوان الدعوة إلى الله.

النشأة

الأسرة

وُلِد البنا في المحمودية من أعمال محافظة البحيرة بدلتا النيل وذلك يوم الأحد 25 من شعبان سنة 1324 هـ وهو ينتسب إلى أسرة ريفية متوسطة الحال من صميم الشعب المصري، كانت تعمل بالزراعة في إحدى قرى الدلتا هي قرية شمشيرة قرب مدينة رشيد الساحلية، ومطلَّة على النيل في مواجهة بلدة إدفينا، تابعة لمركز فُوَّة بمحافظة البحيرة. كان جَدُّه عبد الرحمن فلاحًا ابن فلاح من صغار الملاّك، وقد نشأ الشيخ أحمد - أصغر أبنائه ووالد حسن البَنَّا - نشأةً أبعدته عن العمل بالزراعة؛ تحقيقًا لرغبة والدته، فالتحق بكُتَّاب القرية حيث حفظ القرآن الكريم وتعلَّم أحكام التجويد، ثم درس بعد ذلك علوم الشريعة في جامع إبراهيم باشا بالإسكندرية، والتحق أثناء دراسته بأكبر محلٍّ لإصلاح الساعات في الإسكندرية حيث أتقن الصنعة، وأصبحت بعد ذلك حرفة له وتجارة، ومن هنا جاءت شهرته بـالساعاتي، وقد أهَّل الشيخ نفسه ليكون من علماء الحديث، فبَرَع فيه، وله أعمال كثيرة خدم بها السنة النبوية أشهرها كتابه الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني وفي كنفه نشأ حسن البَنَّا فتطبع بالكثير من طباعه، وتعلَّم على يديه حرفة إصلاح الساعات وتجليد الكتب أيضًا.[5]

المولد والصبا

نشأ البنا في بيت علم ودين، فوالده من علماء الحديث وله فيه مصنفات عديدة أهمها ترتيب مسند الإمام أحمد مع مفتاح له يسهل الوصول إلى أحاديثه، وله أيضاً كتاب بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي وقد اشترك حسن البنا منذ وقت مبكر من عمره في بعض الجمعيات الدينية، وتأثر بطريقة صوفية تُعرف بالطريقة الحصافية، حتى صار سكرتيراً للجمعية الحصافية للبر وهو في الثالثة عشرة من عمره.[1]
كان والد حسن البنا عالمًا محققًا، إمام عصره في علم الحفظ والرواية والحديث والمعرفة بأصول الضبط والتقييد والإجازة، ذا همةٍ عاليةٍ وثقافة واسعة، وكان والده دائم التفقد لأحوال ولده، مهتمًّا بتربيته وتهذيبه، وبذْل النصيحة له في مختلف مراحل عمره،[6] كما كان حسن البنا معجباً بالملك عبد العزيز وبالسعودية؛ إذ كان والده يقوم بشرح ونشر الفتح الرباني في مسند الإمام أحمد بن حنبل، وابن حنبل هو الإمام الأكبر للشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب، ومن ثم كان لوالد البنا صلة بعلماء ومشايخ السعودية، كما ثبت وصول رسائل إليه منهم،[7] وقد كان لهذه النشأة الأثر البالغ في تكوين شخصية البنا.
تميز حسن البنا بفهم واسع، وذكاء متقد، وذاكرة قوية، وقدرة على الحفظ، وجدارة في تحصيل العلم، وكان حريصًا على الصلاة وأدائها في المسجد، مداومًا على تلاوة القرآن الكريم، يهتم بأداء الشعائر الدينية ويدعو زملاءه إليها، يُجيد فنَّ الحوار والإقناع، ويتميز بالشجاعة الأدبية واللباقة في الأسلوب الذي يُجبِر الآخرين على احترامه والاستجابة له، ولديه الطموح لتغيير النظم بما يتوافق مع الإسلام.[6]

التعليم

والد خسن البنا
والد خسن البنا
والدة حسن البنا
والدة حسن البنا
حسن البنا في شبابه
حسن البنا في شبابه
دخل حسن البنا الكتاب في الثامنة من عمره، فحفظ نصف القرآن الكريم، كما تعلم القراءة والكتابة على يد معلمه الشيخ محمد زهران قبل الإلتحاق بالمدرسة الإعدادية،[8] كما حفظ البنا كثيرًا من أحاديث رسول الله Mohamed peace be upon him.svg وتأثر بشيخه محمد زهران المحمودي، صاحب مدرسة الرشاد الدينيَّة. وقد وصف والد الشيخ حسن البنا الشيخَ محمد زهران بقوله: «العالم المحقق، والبحاثة المدقق، محيي السنة ومعيدها، ومميت البدعة ومبيدها، خادم السنة والقرآن، الأستاذ الشيخ محمد زهران.» كما درس البنا على أبيه العلوم الشرعيَّة، وقد كان والده يدرك الأهميَّة الإيجابيَّة للاختلافات الفقهيَّة بين أصحاب المذاهب المتعددة، فانعكس ذلك في تدبُّره لتثقيف أبنائه وتفقيههم في الدين، إذ جعل كل واحد منهم يدرس ويتمذهب على مذهب من المذاهب الفقهيَّة، فكان المذهب الحنفي من نصيب الشيخ حسن، وكان يعلمه دروس الفقه في المنزل، وكان يحثُّه على حفظ المتون في فروع العلوم الشرعيَّة، ويشجعه على القراءة واقتناء الكتب، وبالإضافة إلى هذا فقد علَّمه صنعة الساعات، وحرفة تجليد الكتب.[6] قسم البنا وقته اليومي بين حفظ القرآن الكريم وعلوم المدرسة، وانشغل الطفل الصغير بالتفكير في ملكوت الله واسترجع بذاكرته حياة رسول الله Mohamed peace be upon him.svg والمسلمين الأوائل، وعزم بينه وبين نفسه وهو في هذه السن أن يكون مثلهم يأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر.[8]
أما الدراسة النظامية فقد درس البنا في مدرسة الرشاد الدينية حيث بدأ تعليمه في مكتب تحفيظ القرآن بالمحمودية، وتنقل بين أكثر من كُتَّاب حتى إن أباه أرسله إلى كتّاب في بلدة مجاورة للمحمودية، وكانت المدة التي قضاها في الكتاتيب وجيزة لم يتم حفظ القرآن خلالها؛ إذ كان دائم التبرُّم من نظام الكُتّاب، ولم يُطِق أن يستمر فيه، فالتحق بالمدرسة الإعدادية رغم معارضة والده الذي كان يحرص على أن يحفِّظه القرآن، ولم يوافق على التحاقه بالمدرسة إلا بعد أن تعهّد له حَسَن بأن يُتِمَّ حفظ القرآن في منزله، وبدأ يدرك أن عليه واجبًا نحو زملائه، فأخذ يعلمهم ما لا يعلمون من أمور دينهم، ولأن حسن البنا كان يعلم أن من دل على خير فله مثل أجر فاعله، فقد كان يدعو زملاءه للصلاة في المسجد، واختاره التلاميذ للإمامة، كون حسن البنا مع زملائه الذين كانوا يشتركون معه في الصلاة جمعية سماها جمعية محاربة المنكرات مهمتها الدعوة إلى الله من أجل التعاون والترابط وفعل الخيرات، ومحاربة البدع والخرافات، فكانوا يرسلون خطابات للمخطئين لنصحهم وإرشادهم بالحكمة والموعظة الحسنة حتى يعودوا إلى الطريق الصحيح، ظل حسن البنا يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ويذكر تلاميذ مدرسته بمبادئ الإسلام وتعاليمه إلى أن أنهى دراسته في هذه المدرسة، وبعد إتمامه المرحلة الإعدادية التحق بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور وهو في الرابعة عشرة من عمره، وفي سنة 1923 حيث واصل دعوته إلى التمسك بالإسلام، فكان يوضح لزملائه في المدرسة فضل الصلاة المفروضة، ويدير حلقة لقراءة القرآن الكريم قبل دخول التلاميذ لفصولهم، ولم يمنعه ذلك من الاهتمام بدروسه بل كان متفوقًاً في دراسته.[1][5][6][8]
ثم التحق البنا سنة 1923 وهو في السادسة عشرة من عمره بكلية دار العلوم بالقاهرة بعد أن حصل في السنة النهائية من مدرسة المعلمين على المركز الأول، فكان ترتيبه الخامس بين جميع طلاب مصر، وعندما دخل دار العلوم، وتقدم لامتحانها كان يحفظ 18 ألف (ثمانية عشر ألف) بيت من الشعر، وكثيرًا من النثر، وقد أعجب حسن البنا بالدراسة في دار العلوم وأساتذتها، وأخذ يذاكر بجد ونشاط ويجتهد في دراسته، فكان الأول فيها، وفي سنة 1927 تخرَّج فيها، وقد قُدّر له أن يلتحق بها وهي في أكثر أطوارها تقلبًا وتغيرًا، خاصةً في مناهجها الدراسية التي أضيفت إليها آنذاك، دروس في علم الحياة، ونظم الحكومات، والاقتصاد السياسي، فكان نصيبه أن يتلقى تلك الدروس إلى جانب الدروس الأخرى في اللغة والأدب والشريعة، وفي الجغرافيا والتاريخ، وفي هذه الفترة اتصل البنا بالشيخ محب الدين الخطيب، ورشيد رضا، وكان لدى البنا مكتبة ضخمة تحتوي على عدة آلاف من الكتب في المجالات المذكورة، إضافةً إلى أعداد أربع عشرة مجلة من المجلات الدورية، التي كانت تصدر في مصر مثل مجلة المقتطف، ومجلة الفتح، ومجلة المنار وغيرها، ولا تزال مكتبته إلى الآن في حوزة ولده الأستاذ سيف الإسلام.[1][5][6][8]

العمل

عُين البنا مدرساً للغة العربية بإحدى المدارس الإبتدائية بالإسماعيلية، ومنها انطلق البنا من الإسماعيلية بدعوة الإخوان المسلمين، ثم عاد البنا في عام 1932 إلى القاهرة مرة أخرى ليزاول عمله كمدرس بمدرسة عباس بالسبتية، وأخذ يؤسس لجماعته تأسيساً واسع النطاق، وينتقل بها من مرحلة إلى مرحلة.[1] أمضى البَنّا ما يقرب تسعة عشر عامًا مُدرِّسًا بالمدارس الابتدائية؛ في الإسماعيلية، ثم في القاهرة، وعندما استقال من وظيفته كمدرس في سنة 1946 كان قد نال الدرجة الخامسة في الكادر الوظيفي الحكومي، وبعد استقالته عمل لمدة قصيرة في جريدة الإخوان المسلمون اليومية، ثم أصدر مجلة الشهاب الشهرية ابتداءً من سنة 1947؛ لتكون مصدرًا مستقلاًّ لرزقه، ولكنها أغلقت بحل جماعة الإخوان المسلمين في 8 من ديسمبر 1948.[5]

المساهمة في العمل الدعوي

بدى أن مقومات الزعامة والقيادة كانت متوفرة لدى البنا منذ صباه، ففي مدرسة الرشاد الإعدادية كان متميزًا بين زملائه، ومرشحًا لمناصب القيادة بينهم، حتى أنه عندما تألفت جمعية الأخلاق الأدبية وقع اختيار زملائه عليه ليكون رئيسًا لمجلس إدارة هذه الجمعية. غير أن تلك الجمعية المدرسية لم ترض فضول هذا الناشئ وزملائه المتحمسين فأنشأوا جمعية أخرى خارج نطاق مدرستهم سموها جمعية منع المحرمات، وكان نشاطها مستمدًا من اسمها عاملاً على تحقيقه بكل الوسائل، وطريقتهم في ذلك هي إرسال الخطابات لكل من تصل إلى الجمعية أخبارهم بأنهم يرتكبون الآثام أو لا يحسنون أداء العبادات. ثم تطورت الفكرة في رأسه بعد أن التحق بمدرسة المعلمين بدمنهور فأنشأ الجمعية الحصافية الخيرية التي زاولت عملها في حقلين مهمين هما: نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة ومقاومة المنكرات والمحرمات المنتشرة، والثاني: مقاومة الإرساليات التبشيرية التي اتخذت من مصر موطنًا تبشر فيه بالمسيحية تحت ستار التطبيب، وتعليم التطريز، وإيواء الطلبة.
بعد انتهائه من الدراسة في مدرسة المعلمين انتقل إلى القاهرة وانتسب إلى مدرسة دار العلوم العليا. ثم اشترك في جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية، وكانت الجمعية الوحيدة الموجودة بالقاهرة في ذلك الوقت، وكان يواظب على حضور محاضراتها، كما كان يتتبع المواعظ الدينية التي كان يلقيها في المساجد حينذاك نخبة من العلماء العاملين. ويبدو أن فكرة الإخوان قد تبلورت في رأسه أول ما تبلورت وهو طالب بدار العلوم، فقد كتب موضوعًا إنشائيًا كان عنوانه ما هي آمالك في الحياة بعد أن تتخرج؟ فقال فيه:
«إن أعظم آمالي بعد إتمام حياتي الدراسية أمل خاص وأمل عام. فالخاص: هو إسعاد أسرتي وقرابتي مااستطعت إلى ذلك سبيلاً. والعام: هو أن أكون مرشدًا معلمًا أقضي سحابة النهار في تعليم الأبناء وأقضي ليلي في تعليم الآباء أهداف دينهم ومنابع سعادتهم، تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة.»

المثل الأعلى

ومن الأساتذة الذين أخذ عنهم البنا وكان على علاقة طيبة بهم والده الشيخ أحمد البنا، والشيخ محمد زهران، والشيخ أبو شوشة، والشيخ عبد الوهاب الحصافي، والشيخ موسى أبو قمر، والشيخ أحمد بدير، والشيخ محمد عبدالمطلب.

جماعة الإخوان المسلمين

بعد إلغاء الخلافة الإسلامية سنة 1924 انتشرت أخلاق تخالف تعاليم الإسلام وأصبح الدين من وجهة نظر البعض علامة على الجهل والتأخر والبعد عن الحضارة، وخلع الكثير من نساء مصر الحجاب، فعمل حسن البنا على تكوين جماعة من الدعاة المتحمسين الراغبين في الإصلاح من طلبة دار العلوم والأزهر، وخرجوا إلى الناس في المساجد والمقاهي يخاطبونهم بأسلوب بسيـط، ويرشدونهم إلى التمسك بدينهم واتباع سنــة رسول الله Mohamed peace be upon him.svg، حتى عندما تم تعيينه مدرساً عام 1927 بمدارس الإسماعيلية للبنين، لم يتوقف عن دعوته، واختار أن يتوجه بالدعوة للناس في المقاهي التي تزدحم بهم فكان يصور لهم الحياة الإسلامية على أنَّها بناء يقوم على أربعة عمد؛ الحكومة، والأمة، والأسرة، والفرد. وتأثر بدعوته الكثيرون، وأسس البنا جمعية الإخوان المسلمون في الإسماعيلية، ثم انتقل حسن البنا ليعمل مدرسًا في القاهرة، وأخذ يدعو المسلمين إلى العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله Mohamed peace be upon him.svg ثم عظم أمر الإخوان المسلمون وبلغ عددهم في ذلك الوقت أكثر من نصف مليون فرد، فأعلنت السلطات حينها حل جماعة الإخوان المسلمين في أوائل ديسمبر سنة 1948 واعتقلوا عددًا كبيرًا من أفرادها، وتعرض بعد ذلك البنا لحادثة اغتياله سنة 1949.[8]

سبب التأسيس والنواة

تأسست جماعة الإخوان في مارس / آذار سنة 1928، حيث زار حسن البنا في منزله، حافظ عبد الحميد، أحمد الحصري، فؤاد إبراهيم، عبد الرحمن حسب الله، إسماعيل عز، وزكي المغربي، الذين تأثّروا من محاضراته، وقالوا له - كما يروي في مذكراته - "لقد سمعنا ووعينا، وتأثّرنا ولا ندري ما الطريق العملية إلى عزة الإسلام وخير المسلمين. لقد سئمنا هذه الحياة، حياة الذلة والقيود. وها أنت ترى أنّ العرب والمسلمين في هذا البلد لا حظّ لهم من منزلة أو كرامة، وأنهم يعدّون مرتبة لأجراء التابعين لهؤلاء الأجانب... وكل الذي نريده الآن أن نقدّم لك ما نملك لتبرأ من التبعة بين يديّ الله. وتكون أنت المسؤول بين يديه عنا. كما يجب أن نعمل جماعة تعاهد الله مخلصة على أن تحيا لدينه وتموت في سبيله، لا تبغي بذلك إلا وجهه وجديرة أن تنصر، وإن قلّ عددها وقلّت عُدَّتها".[3]
فوافق البنا، وكانت البيعة. ثم تمَّ تأسيس مدرسة التهذيب لحفظ القرآن وشرح السور، وحفظ وشرح الأحاديث النبوية وآداب الإسلام. وصارت المدرسة مقراً للإخوان. وخرّجت هذه المدرسة الدفعة الأولى من الإخوان وكان عددهم أكثر من سبعين، وبدأ عمل الإخوان ينتشر في نواحي حياتية واسعة مثل بناء المساجد ونشر العلم ومساعدة المحتاجين، وجاء في خطبته الأولى في مسجد الإخوان:
«إذا كان احدنا يحرص على محبة الكبراء وإرضاء الرؤساء، والأمة تجتلب مرضاة الدول، وتوثيق العلائق فيما بينها وبين الحكومات الأخر، وتنفق في ذلك الأموال، وتنشىء له السفارات والقنصليات، أفلا يجدر بنا ويجب علينا أن نترضّى دولة السماء، وعلى رأسها رب العالمين الذي له جنود السموات والأرض، وبيده الامر كله؟! نترضاه بإنشاء المساجد وعمارتها، وأداء الصلوات فيها لأوقاتها فيمدّنا بجنده الذي لا يغلب وجيشه الذي لا يقهر.[3]»
وكان للبنا ولأصحابه أعداء حاولوا دسّ الدسائس بواسطة تقديم عرائض إلى رئيس الحكومة آنذاك، صدقي باشا، تتهمه بأنّه مدرّس شيوعي، يتصل بموسكو، أو وفدي يسعى للإطاحة بالحكومة، أو يتفوّه ضد الملك فؤاد، أو يجمع المال بصورة غير قانونية.[3]

الإنتشار والهدف

البنا في مؤتمر عام 1947 ويظهر المفكر القومي عزيز علي المصري.
نمت جماعة الإخوان وتطورت وانتشرت في مختلف فئات المجتمع، حتى أصبحت في أواخر الأربعينيات أقوى قوة اجتماعية سياسية منظمة في مصر، كما أصبح لها فروع في كثير من البلدان العربية والإسلامية. وكان البَنّا يؤكِّد دومًا على أن جماعته ليست حزبًا سياسيًّاٍ، بل هي فكرة تجمع كل المعاني الإصلاحية، وتسعى إلى العودة للإسلام الصحيح الصافي، واتخاذه منهجًا شاملاً للحياة، ويقوم منهجه الإصلاحي على التربية، والتدرج في إحداث التغيير المنشود، ويتلخص هذا المنهج في تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة، ثم المجتمع المسلم، ثم الحكومة المسلمة، فالدولة، فالخلافة الإسلامية، وأخيرًا يكون الوصول إلى أستاذية العالم. قاد البَنّا جماعة الإخوان المسلمين على مدى عقدين من الزمان من سنة 1928 - 1949 وخاض بها العديد من المعارك السياسية مع الأحزاب الأخرى، وخاصةً حزب الوفد والحزب السعدي.[5] فقد قاومت الأحزاب المصرية فكر حسن البنا وحالت دون توسع رقعة الإخوان المسلمين السياسية، ومن بين تلك الأحزاب: حزب الوفد - أكثر الأحزاب انتشارًا في ذلك الوقت - والحزب السعدي. وكان البنا قد خاض الانتخابات أكثر من مرة بدائرة الدرب الأحمر بالقاهرة، وكان بها المركز العام لجماعته وكان يقطن بها بـحي المغربلبن، لكنه لم يفز في أي مرة في أي دائرة لا هو ولا زملاؤه بما فيهم أحمد السكري سكرتير الجماعة وكان مرشحًا بالمحمودية مقر ولادته.
لقد ظهرت حركات إصلاحية كثيرة خلال هذا القرن في الهند ومصر والسودان وشمال أفريقيا وقد أحدثت هزات لا بأس بها، ولكنها لم تنتج آثاراً إيجابية ثابتة، اختفت هذه الدعوات، وبقيت عبارات على الألسن، وكلمات في بطون الكتب، حتى قُيض لها أن تبعث من جديد على يد حسن البنا، وأن تستوفي شرائطها ومعالمها. وأن تأخذ فترة الحضانة الكافية لنضجها. وأستفاد البنا من تجارب من سبقوه، ومن تاريخ جميع القادة والمفكرين والزعماء الذين حملوا لواء دعوة الإسلام.[9]

العمل السياسي

ومن جوانب التطور في شخصية حسن البنا، ما شهدته الأعوام التالية لنهاية الحرب العالمية الأخيرة، من اتجاهه إلى القيادة الشعبية العامة، وعدم انحصاره في دائرة جماعته. حتى إنه كان يخاطب جماهير الشعب من أول يوم، ويحثها على الالتزام بتعاليم الإسلام والعمل له تحت لواء جماعته.
حسن البنا وسط مؤيديه وأتباعه في إحدى الزيارات لإحدى قري مصر.
على أن الترشيح للانتخابات البرلمانية سنة 1944 ربما كان بداية متواضعة لتحرك بين جماهير الشعب استفاد من الظروف السياسية في مصر عقب الحرب العالمية الأخيرة، خاصة بعدما اهتزت زعامة الوفد الشعبية بعد قبوله الحكم نتيجة للتدخل البريطاني سنة 1942 ولم تستطع الأحزاب السياسية الأخرى أن ترث الزعامة الشعبية. هذا بينما تزايدت أعداد الإخوان ومناصريهم وبرزت مطالب قومية عامة بعد انتهاء الحرب، وتطلع الشعب لمن يقوده لتحقيق جلاء الإنكليز عن البلاد بعد أن عانى الويلات من طغيانهم أثناء الحرب، ثم جاءت قضية فلسطين وقرار تقسيمها والعدوان الصهيوني فزاد من سخط الشعب وهياجه وتطلعه لمن يقود جهاده في هذه الساحات.[10]
هنا نجد الشخصية القيادية المتطورة لحسن البنا تستفيد من الفرص السانحة، وتهيء نفسها للأعباء الجديدة حيث انطلق بكل قوته يقود المظاهرات الشعبية العامة التي انطلقت من الأزهر بعد قطع المفاوضات، وعرض قضية مصر على مجلس الأمن. ويخطب فيها إلى جانب كبار رجالات مصر والعروبة عام 1947، وقد جرح في إحداها. وفي المظاهرة الشعبية الكبرى التي تجمعت بميدان الأوبرا في القاهرة تأييداً لفلسطين في كانون الأول (ديسمبر) 1947، بعد التقسيم، خطب حسن البنا إلى جانب رياض الصلح، والأمير فيصل بن عبد العزيز، والشيخ محمود أبو العيون، وجميل مردم، وصالح حرب، وإسماعيل الأزهري، والقمص متياس الأنطوني مندوب بطريركية الأقباط الأرثوذكس.[10]

الإخوان وفلسطين

لقد أولى البنا اهتمامًا خاصًّا بقضية فلسطين، واعتبرها قضية العالم الإسلامي بأسره، وكان يؤكِّد دومًا على أن الإنجليز واليهود لن يفهموا إلا لغة واحدة، هي لغة الثورة والقوة والدم، وأدرك حقيقة التحالف الغربي الصهيوني ضد الأمة الإسلامية، ودعا إلى رفض قرار تقسيم فلسطين الذي صدر عن الأمم المتحدة سنة 1947، ووجه نداءً إلى المسلمين كافة - وإلى الإخوان خاصة - لأداء فريضة الجهاد على أرض فلسطين؛ حتى يمكن الاحتفاظ بها عربية مسلمة، وقال:«إن الإخوان المسلمين سيبذلون أرواحهم وأموالهم في سبيل بقاء كل شبر من فلسطين إسلاميًّا عربيًّا، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.[11]»
فقد كانت صلة حسن البنا بفلسطين مبكرة جدًّا يوم أن كان الحاج أمين الحسيني طالباً في القاهرة إذ كانت الصلة وثيقة بينه وبين البنا فكانا يتجاذبان أطراف الحديث عن فلسطين، كان الناس في مصر في ذلك الوقت يجهلون أن هناك بلداً اسمه فلسطين، وأن هذا البلد بجوارهم أقرب إلى القاهرة من أسوان فشرع البنا يرسل شباب الإخوان في مساجد القاهرة والمحافظات يحدثون الناس عن ظلم الإنجليز وبطشهم وتآمرهم على أهل فلسطين، ثم دعا بعد ذلك إلى مقاطعة المجلات اليهودية في القاهرة، فطبع قائمة كشوف بأسماء هذه المجلات وعناوينها، والأسماء الحقيقية لأصحابها وذيلت الكشوف بعبارة إن القرش الذي تدفعه لمجلة من هذه المجلات، إنما تضعه في جيب يهود فلسطين ليشتروا به سلاحاً يقتلون به إخوانك المسلمين في فلسطين.[12]
ولقد استطاع البنا أن يتجاوز بنشاطه الإعلامي للقضية الفلسطينية حدود مصر فدعا إلى عقد أول مؤتمر عربي من أجل نصرة فلسطين، ووجه الدعوات إلى رجالات البلاد العربية، فلبوا النداء، ولم يغفل البنا الجانب المالي في الحركة الجهادية الفلسطينية وحاجتها إليه ولهذا نشط في جمع التبرعات لها، ومن الوسائل البديعة التي ابتكرها إصدار طابع بقيمة قرش وتوزيعه على الناس. ومع حرص البنا على أن تصل قضية هذا الشعب إلى جميع المسؤولين في مصر وخارجها، آمن البان بأن القوة أضمن طريق لإحقاق الحق فلا بد للحق من قوة تحميه، ومن هنا بدأ البنا بإرسال شباب الإخوان من مصر إلى فلسطين في بداية الثلاثينيات خلسة، حيث تسللوا من شمال فلسطين وعملوا مع المجاهد عز الدين القسام وأبلوا معه بلاءً حسناً، ودخل قسم من المجاهدين من الإخوان تحت قيادة الجيوش العربية التابعة لجامعة الدول العربية، وبلغ مجموع الإخوان المسلمين الذين استطاعوا أن يدخلوا أرض فلسطين بشتى الوسائل 10 آلاف مجاهد، وقاموا بنسف مقر قيادة اليهود وأبلوا بلاءً حسنًا في مدينة الفالوجة.[12]
بعد قضية تزويد الجيش المصري بأسلحة فاسدة، تيقن البنا من عدم جدية الدول العربية في القتال، وأنها تخضع لرغبات الدول الاستعمارية وقال حينها:« إن الطريق طويل والمعركة الكبرى معركة الإسلام التي ربينا لها هذا الشباب لا تزال أمامه، أما إسرائيل فستقوم، وستظل قائمة إلى أن يبطلها الإسلام.» وقاد بعدها البنا مظاهرة في مصر خرج فيها نصف مليون شخص في عام 1947 - قبل اغتياله بسنتين - ووقف فيهم خطيباً وقال[12]:
دماؤنا فداء فلسطين
أرواحنا فداء فلسطين
في شهر رجب 1358هـ الموافق أغسطس 1939 كان الإخوان المسلمون على أهبَّة الاستعداد لنصرة فلسطين، وجعلوا من يوم 27 رجب يوم فلسطين ومن ذكرى الإسراء والمعراج منطلقًا لبدء حملة كبيرة من الحركة والجهاد لنصرة فلسطين. وفي هذه الأثناء كان حسن البنا يقوم بجولته ورحلته الصيفية الطويلة والمعتادة في مدن وقرى الصعيد، ومن هناك بعث إلى الإخوان يُذكِّرهم بهذه القضية الخطيرة، ويحملهم التبعية والمسؤولية، ويحفِّزهم للحركة والجهاد والتضحية.[13]
كما كان البنا يرسل إلى الحكومة المصرية رسائل حول قضايا عديدة مثل السفراء والتعليم والقضاء وتعديل الدستور وإصلاح الأسرة وقضايا المرأة ومشاكل الشباب والقضية الفلسطينية وغيرها، ومما جاء في رسالة البنا إلى علي ماهر باشا، رئيس الحكومة المصرية:
«.... إن هذا المسعى الإنساني المشكور [قرار المعونة المصرية للشعب الفلسطيني] ليس هو كل شيء في القضية العربية، فإنّ الفلسطينيين الأمجاد ضحّوا بالأموال والأرواح في سبيل غاية سليمة معلومة وهي أن يصلوا إلى استقلالهم وحريتهم وأن ينقذوا وطنهم من خطر الطغيان اليهودي الصهيوني. وقد شاركهم المسلمون والعرب في كل أقطار الدنيا هذا الشعور وأيّدوهم فيه. وكان للحكومة المصرية، وكان لرفعتكم بالذات نصيب في الجهاد المبرور. وعلى هذا فالمسعى السياسي لحل قضية فلسطين أهمّ بكثير من هذا المسعى الإنساني على جلاله ورحمته. وليس عليكم يا رفعة الرئيس إلا أن تكاشفوا الساسة البريطانيين بوضوح وجلاء بحقيقة الموقف....[3]»
حسن البنا يخطب ويحفز أنصاره ومؤيديه.
وأعلن البنا أن الإخوان سيقدمون عشرة آلاف متطوع في سبيل فلسطين وأبرق مؤكداً ذلك إلى الزعماء العرب المجتمعين في عالية في أيار / مايو 1948 وتعاون البنا مع من توسّم فيهم الإخلاص والجد في الأمر من رجالات مصر والعرب أمثال صالح حرب، وعبد الرحمن عزام، وفتحي رضوان. وكانت صلته وثيقة من قديم بالحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين المجاهد ورجال الهيئة العربية العليا، وقد عمل الإخوان على تهريبه حين مروره بمصر أثناء ترحيله تحت الحراسة من منفى لآخر، كما عملوا على تهريب الزعيم المغربي المجاهد عبد الكريم الخطابي في ظروف مماثلة. وغدا حسن البنا الركن الركين في هيئة وادي النيل العليا التي تألفت للعمل الشعبي لأجل إنقاذ فلسطين.[10]
وفي ممارسة حسن البنا للقيادة الشعبية العامة توثقت علاقاته بالصحفيين الذين غدوا يقدرون قدراته وآراءه وأن لم يكونوا يؤيدون مبادئ الإخوان.
وعلم حسن البنا أن مسؤولية هذا الدور الشعبي العام تتطلب ضمان التلاحم بين مسلمي مصر وأقباطها، حتى لا ينفذ العدو من ثغرة تنافر، أو تُؤتى صلاحية الإخوان للقيادة الشعبية من هذا الجانب. وقد سبق لحسن البنا أن كتب إلى الأنبا يؤانس بطريرك الأقباط سنة 1355هـ / 1936م في شأن معاونة أبناء فلسطين وجمع التبرعات لهم. لكن أعباء القيادة الشعبية العامة صارت تتطلب اتصالاً أكبر وتعاوناً أوثق، فتوالت الدعوات على بطريركية الأقباط لحضور مؤتمرات الأقاليم التي أقيمت لأهداف قومية مصرية أو عربية، وأصبح هذا تقليداً متبعاً في كثير من أحفال الإخوان، حتى ما كان منها لمناسبة إسلامية مثل بداية العام الهجري أو المولد النبوي.[10]
واستلزمت مسؤوليات القيادة الشعبية العامة قراءات سياسية واقتصادية فلم ينحصر حسن البنا في نطاق تكوينه الثقافي الإسلامي، ولم يقف عند قدراته ومواهبه في الإقناع وفي مخاطبة الأفراد والجموع، بل رأى أنه لابد من أن يتجاوز هذه الدائرة لأداء الواجب كما ينبغي، ولكسب احترام الآخرين من الساسة المشاركين المتعاونين على أعباء القيادة أو من الجمهور. فكتب في جريدة لإخوان اليومية حوالي سنة 1947 سلسلة مقالات تحت عنوان (اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد)، تناول فيها مشكلات مصر السياسية والاقتصادية الهامة واتجاهات معالجتها وحلها في ضوء توجيهات الإسلام. وقد نشرت هذه المقالات في صورة رسالة متكاملة فيما بعد.[10]

حل الجماعة

ولم تكن دعوة الإخوان المسلمين تؤدي دورها وسط الظروف السابق ذكرها في بساطة ويسر، فالبلاد من حولها كانت تغلي بالأحداث، وجاءت حرب فلسطين لتزيد نار الحماس التهاباً، وألقى الإخوان بأنفسهم في أتون الحرب وتميز دورهم عن غيرهم بحسن تربيتهم ودقة نظامهم وسعة فهمهم لدورهم الوطني ودورهم العربي ودورهم الإسلامي ورغبتهم في طلب الشهادة، فجاء جهاد الإخوان في فلسطين صفحة وبهر كل من اتصل بهم أو قرأ عنهم، وكشفت الحرب عن حقيقة قوتهم والخطر الكامن على الاستعمار في ازدياد قوتهم، وفي ضوء اكتشاف هذه القوة النامية الفتية لجماعة الإخوان المسلمين في ساحة الحرب على أرض فلسطين، وقف الخصوم يقارنون ويرسمون الخطط لمستقبل الشرق بصفة عامة، ولمستقبل مصر بصفة خاصة، وبدا على السطح ظواهر جديدة في حقل السياسة المصرية والساحة العربية لم تكن موجودة من قبل الحركة، فالحركة الطلابية يتصدرها الإخوان المسلمون، والبطولات وصور الاستبسال والاستشهاد تجلت في دور كتائب الإخوان التي شهدت المعارك الأولى مع العصابات الصهيونية على أرض فلسطين، وضغط الإخوان كحركة شعبية على القصـر والحكومة في ذلـك الوقت بضرورة مواجهة العصابات الصهيونية بقوات متطوعة وليس عن طريق الجيوش النظامية التي تأتمر بأوامر القصر الذي كان لعبة في يد الاستعمار، ولقد شدد الإخوان ضغطهم على القصر والحكومة في ذلك حينما تبين لحسن البنا أن السلطات المصرية كان في نيتها مجرد إرسال تجريدة قوة نظامية صغيرة لتقوم بدور العصا لتأديب العصابات الصهيونية فحسب وليست للقضاء عليها.
ولم يستطع الاستعمار الذي كان رابضاً بجنوده على ضفاف قناة السويس، والذي أعطت دولته وعد بلفور وتعهدت بتنفيذه قبل أن تنتهي مدة انتدابها على فلسطين أن يسكت على ذلك المد الإخواني الكبير في مختلف الساحات المصرية والعربيـة فأخـذ يخوّف القصر وحكومات الأحزاب من الإخوان، وأخذ على عاتقه الإعداد والتخطيط والتدبير والتآمر على تلك القوة الجديدة التي تنادي بصحوة المصريين والعرب ليقوموا بدورهم من أجل بلادهم ومعتقداتهم، وكان القصر والحكومات الحزبية هي اليد المنفذة لمخططات ومؤامرات الاستعمار بكل أنواعه.
اقترب سعد الدين الوليلي من لحظة فراقه لمرشده، فقال:«ولا أنسى ليلة صدور قرار حل جماعة الإخوان في كانون الأول / ديسمبر عام 1948 حيث صدرت الأوامر إلى قوات الشرطة بالاستيلاء على شُعب الإخوان ومركزهم العام في الحلمية الجديدة وسوق من فيها إلى المعتقلات. وشاء القدر أن أكون برفقة حسن البنا حين دهمتنا في ساعة متأخرة من الليل قوة من رجال البوليس السياسي، حيث حاصرت المبنى من كل أجزائه، وقبضت على من فيه وملأت بنا السيارات وانتظر البنا دوره في الدخول إلى السيارة، إلا أن أحداً لم يسأله ذلك، فرايته يتشبث بالسيارة التي كنت فيها ويحاول اعتلاءها ليلقى المصير الذي يلقاه إخوانه، ولكن القوة لم تمكنه من ذلك ومنعته من الركوب بدعوى أنه لم تصدر من المسؤولين أوامر باعتقاله، فازداد تشبثاً بالسيارة واعتلى أولى درجات سلمها وهو يصيح: لا تأخذوا هؤلاء بجريرتي، فأنا أولى منهم بالاعتقال .. ولم يسمح له أحد وتحركت السيارات بنا وتركته في وحدته ليلقى حتفه عندما يحين الوقت المناسب لتنفيذ الاغتيال، ولو لم تكن الحكومة قد بيتت النية على قتله لكان من الطبيعي أن يكون وهو رأس الجماعة في مقدمة المعتقلين![14]»
لو لم يكن للشيخ حسن البنا من الفضل على الشباب المسلم سوى أنه أخرجهم من دور الملاهي في السينمات ونحو ذلك والمقاهي، وكتَّلهم وجمَّعهم على دعوة واحدة، ألا وهي دعوة الإسلام؛ لو لم يكن له من الفضل إلا هذا لكفاه فضلاً وشرفًا. هذا نقوله معتقدين، لا مرائين، ولا مداهنين.
—الإمام العلامة الألباني[5]

أثرها وإرثها

كان للإخوان المسلمين جهد كبير في حرب العام 1948ٍٍ دفاعاً عن فلسطين، وعلى أكثر من جبهة؛ من مصر والأردن وسورية. كما كان للجماعة فضل عظيم في التوعية وحفظ الهوية الإسلامية، والإسهام الكبير في بث روح الحرية والاستقلال؛ إذ كان الانتداب البريطاني بوقعه الهادئ يمكّن للغزو الفكري في مصر بالذات، ويهيئ الأرضية الكاملة لإقامة الكيان اليهودي وحمايته. وعلى إثر حرب 1948 وتنامي شعبية الإخوان المسلمين، كان قرار النقراشي باشا - رئيس وزراء مصر حينها - في كانون الأول (ديسمبر) 1948 بحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة ممتلكاتها، واعتقال رجالها وزجهم في السجون. وتم التدبير لاغتيال المؤسس، وظن قاتلوه من أعوان الملك فاروق والإنجليز أنهم أنهوا دعوته. لكن سرعان ما تتابعت الأحداث، وكانت حركة الضباط الأحرار؛ فتم إنهاء حكم فاروق نفسه. لكن هذه الثورة ما لبثت أن انحرفت هي أيضاً عن مسارها، لتُدخل البلاد في نفق الاشتراكية، وتشدد من حربها على مخالفيها من الإخوان المسلمين الذين ساعدوا الضباط الأحرار على الثورة. ولكن كان ما كان، وكانت سجون التعذيب التي ما سمع بها التاريخ من قبل.[15]

اغتياله

بعد إعلان النقراشي باشا - رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت - في مساء الأربعاء 8 ديسمبر 1948 قراره بحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالها واعتقال معظم أعضائها، بدأت في اليوم التالي حملة الاعتقالات والمصادرات، ولما هم حسن البنا أن يركب سيارة وضع فيها بعض المعتقلين اعترضه رجال الشرطة قائلين: لدينا أمر بعدم القبض على الشيخ البنا ثم صادرت الحكومة سيارته الخاصة، واعتقلت سائقه وسحب سلاحه المرخص، وقبض على شقيقيه الذين كانا يرافقانه في تحركاته، وقد كتب إلى المسؤولين يطلب إعادة سلاحه إليه، ويطالب بحارس مسلح يدفع هو راتبه، وإذا لم يستجيبوا فإنه يحملهم مسؤولية أي عدوان عليه.
مما أدى إلى قيام أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين باغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي في 28 ديسمبر 1948 لقيام الأخير باتخاذ قرار حل جماعة الإخوان المسلمين في 8 ديسمبر 1948 فتآمر القصر مع الحكومة الجديدة برئاسة إبراهيم عبد الهادي للانتقام من الإخوان، ودبروا اغتيال حسن البنا المرشد العام للجماعة والمؤسس لها في 12 فبراير 1949 أمام مقر جمعية الشبان المسلمين في شارع رمسيس - الملكة نازلي سابقاً - بسبع رصاصات استقرت في جسد البنا، توفي بعدها بساعات في مستشفي قصر العيني، عندما قامت الثورة في 23 يوليو من عام 1952 أخذت حكومة الثورة علي عاتقها محاكمة المتورطين في اغتيال حسن البنا، نظراً للتقارب الذي كان موجوداً بين قادة الثورة و قادة الإخوان في البداية، وقُدم القتلة للعدالة، وصدرت أحكام ضدهم في 2 أغسطس 1954 ولكنها أحكام اقتصرت علي أصحاب الأيدي الملطخة بالدماء، ولم تطول أصحاب قرار الاغتيال، وقد أُفرج عن القتلة في مدد متفرقة لأسباب صحية ولم يقض أي منهم مدة الحكم بالسجن كاملة.[16]

تفاصيل الإغتيال

في الساعة الثامنة من مساء السبت 12 فبراير 1949 كان حسن البنا يخرج من باب جمعية الشبان المسلمين ويرافقه رئيس الجمعية لوداعه ودق جرس الهاتف داخل الجمعية فعاد رئيسها ليجيب الهاتف فسمع إطلاق الرصاص فخرج ليرى صديقه الأستاذ البنا وقد أصيب بطلقات تحت إبطه وهو يعدو خلف السيارة التي ركبها القاتل، وأخذ رقمها وهو رقم "9979" والتي عرف فيما بعد أنها السيارة الرسمية للأميرالي محمود عبد المجيد المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية كما هو ثابت في مفكرة النيابة العمومية عام 1952.
لحظة خشوع على قبر البنا، هكذا كتبت مجلة التحرير على صدر غلافها تعليقًا على صورةٍ لعبد الناصر يقف على قبر البنا في ذكرى رحيله الخامسة.[17]
لم تكن الإصابة خطرة بل بقي البنا بعدها متماسك القوى كامل الوعي وقد أبلغ كل من شهدوا الحادث رقم السيارة ثم نقل إلى مستشفى القصر العيني فخلع ملابسه بنفسه، لفظ البنا أنفاسه الأخيرة في الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل أي بعد أربع ساعات ونصف من محاولة الاغتيال بسبب فقده للكثير من الدماء، لم يكن هناك رجل غير والده ومكرم عبيد باشا والذي لم تعتقله السلطة لكونه مسيحياً وكانت تربطه علاقة صداقة بحسن البنا.

محاكمة المجرمين

في الأيام الأولى من قيام ثورة 23 يوليو أعادت سلطات الثورة التحقيق في ملابسات مصرع حسن البنا وتم القبض على المتهمين باغتياله وتقديمهم أمام محكمة جنيات القاهرة حيث صدرت ضدهم أحكام ثقيلة في أغسطس 1954 حيث قال القاضي في حيثيات الحكم:
«إن قرار الاغتيال قد اتخذته الحكومة السعدية بهدف الانتقام لم يثبت تواطؤ القصر في ذلك لكن القاضي أشار إلى أن العملية تمت بمباركة البلاط الملكي، المتهم الأول أحمد حسين جاد الأشغال الشاقة المؤبدة المتهم السابع محمد محفوظ الأشغال الشاقة خمسة عشر عاماً المتهم الثامن الأميرلاي محمود عبد المجيد الأشغال الشاقة خمسة عشر عاماً البكباشي محمد الجزار سنة مع الشغل قضاها في الحبس الاحتياطي فأفرج عنه [18] إضافة لتعويض مادي كبير تمثل في دفع عشرة آلاف جنيه مصري كتعويض لأسرة البنا [19]»

الدفن

يقول والد حسن البنا عن دفن ابنه:
« أبلغت نبأ موته في الساعة الواحدة، وقيل: إنهم لن يسلموا لي جثته إلا إذا وعدتهم بأن تدفن في الساعة التاسعة صباحًا بدون أي احتفال، وإلا فإنهم سيضطرون إلى حمل الجثة من مستشفى قصر العيني إلى القبر، واضُطررت إزاء هذه الأوامر إلى أن أعدهم بتنفيذ كل ما تطلبه الحكومة، رغبة مني أن تصل جثة ولدي إلى بيته، فألقي عليه نظرة أخيرة، وقبيل الفجر حملوا الجثة إلى البيت متسللين، فلم يشهدها أحد من الجيران ولم يعلم بوصولها سواي. وظل حصار البوليس مضروبًا حول البيت وحده، بل حول الجثة نفسها، لا يسمحون لإنسان بالاقتراب منها مهما كانت صلته بالفقيد.
وقمت بنفسي بإعداد جثة ولدي للدفن، فإن أحدًا من الرجال المختصين بهذا لم يسمح له بالدخول، ثم أنزلت الجثة حيث وضعت في النعش، وبقيت مشكلة من يحملها إلى مقرها الأخير.
وطلبت إلى رجال البوليس أن يحضروا رجالًا يحملوا النعش فرفضوا، فقلت لهم: ليس في البيت رجال، فأجابوا: فليحمله النساء! وخرج نعش الفقيد محمولاً على أكتاف النساء.
ومشت الجنازة الفريدة في الطريق، فإذا بالشارع كله رصف برجال البوليس، وإذا بعيون الناس من النوافذ والأبواب تصرخ ببريق الحزن والألم والسخط على الظلم الذي احتل جانبي الطريق!
وعندما وصلنا إلى جامع «قيسون» للصلاة على جثمان الفقيد، كان المسجد خاليًا حتى من الخدم ، وفهمت بعد ذلك أن رجال البوليس قدموا إلى بيت الله وأمروا من فيه بالانصراف ريثما تتم الصلاة على جثمان ولدي.
ووقفت أمام النعش أصلي فانهمرت دموعي، ولم تكن دموعًا؛ بل كانت ابتهالات إلى السماء أن يدرك الله الناس برحمته.
ومضى النعش إلى مدافن الإمام، فوارينا التراب هذا الأمل الغالي، وعندما عدنا إلى البيت الباكي الحزين، ومضى النهار وجاء الليل لم يحضر أحد من المعزين؛ لأن الجنود منعوا الناس من الدخول، أما الذين استطاعوا الوصول إلينا للعزاء، فلم يستطيعوا العودة إلى بيوتهم، فقد قبض عليهم إلا شخصًا واحدًا هو مكرم عبيد باشا.[6]»

رثاءه

وقد رثاه المجاهد المغربي عبد الكريم الخطابي وقال «يا ويح مصر والمصريين، مما سيأتيهم من قتل البنا، قتلوا وليًّا من أولياء الله، وإن لم يكن البنا وليًّا فليس لله ولي.[20]»

الملك فاروق والإخوان

أكد القيادى الإخواني محمد نجيب عضو التنظيم الخاص، وأقدم المتبقين من الرعيل الأول للإخوان أن الملك فاروق بريء من دم البنا، وتناقض هذه الشهادة من قيادي كان مقرباً من البنا، كل روايات الإخوان المستقرة منذ نصف قرن، على أن ملك مصر السابق فاروق وحكومته هم الذين قتلوا البنا، أو على أقل تقدير، تم قتله بتوصية من الملك شخصياً، وكشف نجيب أن البنا كان على علاقة جيدة جداً بالملك فاروق، لدرجة أنه يوم زواجه سنة 1937 قامت الجوالة الإخوانية، بأوامر من البنا، وهتفت للملك وبعدها توطدت العلاقات بينهما، وأن الإخوان كانوا أيضاً على علاقة جيدة برئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي علي ماهر، وحدثت بينهم عدة لقاءات ومقابلات ولكنها غير مشهورة، ولم تشر إليها الكتابات الخاصة بالإخوان أو غيرهم، وكان الملك وقتها يقابل أعضاء الإخوان بشكل طبيعي، بل كان متعاطفاً جداً معهم.[21]
وعندما سئل عن تناقض ذلك مع كتابات الإخوان حول علاقتهم بالملك فاروق، ويعتبرونه المتهم الرئيسي في عملية الاغتيال، قال نجيب:
«هذا رأيي في الملك فاروق ولدي ما يدعمه، وأعتذر لقيادات الإخوان؛ لأنني أعرف جيدا أنهم لا يتفقون معي فيه، بل وربما يثير هذا الرأي مشاكل داخل الجماعة، الحقيقة لابد وأن تظهر مهما مرت السنوات، فالملك فاروق كان له دور كبير جداً مع الإخوان، لكن لم يتكلم أحد عن حقيقة هذا الدور لأسباب مجهولة في نظري.[21]»

شخصيته وصفاته

الأخذ من الأخرين

من الخطأ القول بأن حسن البنا هو أول من رفع راية المقاومة في هذا القرن لقد سبقه في المشرق العربي والمغرب العربي وأعماق الهند وإندونيسيا رجال اشتبكوا مع الأعداء في ميادين الحرب والسياسة والتعليم والتربية في سبيل خدمة دينهم، وأتم من بعدهم بقية الشوط الذي هلكوا دونه. فقد استفاد حسن البنا من الذين سبقوه، وجمع في شخصه مواهب تفرقت في أناس كثيرين، كان نديمًا لتلاوة القرآن الكريم يتلوه بصوت رخيم، وكان يحسن تفسيره كأنه الطبري أو القرطبي، وله مقدرة على فهم أصعب المعاني ثم عرضها على الجماهير بأسلوب سهل قريب، وهو لم يحمل عنوان التصوف، ومع ذلك فإن أسلوبه في التربية وتعهد الأتباع وإشعاع مشاعر الحب في الله كان يذكر بالحارث المحاسبي وأبي حامد الغزالي، وقد درس السنة على والده الذي أعاد ترتيب مسند أحمد بن حنبل، كما درس الفقه المذهبي باقتضاب فأفاده ذلك بصرًا سديدًا بمنهج السلف والخلف.[13]
وقف حسن البنا على منهج محمد عبده وتلميذه صاحب المنار الشيخ محمد رشيد رضا، ووقع بينه وبين الأخير حوار مهذب، ومع إعجابه بالقدرة العلمية للشيخ رشيد وإفادته منها فقد أبى التورط فيما تورط فيه، ولعله كان أقدر الناس على رفع المستوى الفكري للجماهير مع محاذرة لبقة من أسباب الخلاف ومظاهر الغضب، وقد أحاط البنا بالتاريخ الإسلامي، وتتبع عوامل المد والجزر في مراحله المختلفة، وتعمق تعمقًا شديدًا في حاضر العالم الإسلامي، ومؤامرات الاحتلال الأجنبي ضده.[13]

السعي للهدف

في بعض الأحيان تبدو المصادفة العابرة كأنها قدر مقدور، وحكمة مدبرة في كتاب مسطور.. حسن البنا.. إنها مجرد مصادفة أن يكون هذا لقبه.. ولكن من يقول: إنها مصادفة، والحقيقة الكبرى لهذا الرجل هي البناء، وإحسان البناء، بل عبقرية البناء؟ لقد عرفت العقيدة الإسلامية كثيراً من الدعاة.. ولكن الدعاية غير البناء.. وما كل داعية يملك أن يكون بناءً.. وما كل بناء يوهب هذه العبقرية الضخمة في البناء.
—المفكر والمنظر سيد قطب[22]
ثم في صمت غريب أخذ الرجل الصامت يتنقل في مدن مصر وقراها فقد دخل تقريبا ثلاثة آلاف من القرى الأربعة آلاف التي تكون القطر كله.. وخلال عشرين عامًا تقريبًا صنع الجماعة التي صدعت الاستعمار الثقافي والعسكري، ثم تحركت أمريكا وانجلترا وفرنسا وأرسلت سفراءها إلى حكومة الملك فاروق مطالبين حل جماعة الإخوان المسلمين. وبدأ حسن البنا يربي الجيل الجديد للإسلام على الأساس الذي وضعه للنهوض به، فهو يريد تكوين دولة إسلامية، وإقامة حكم شرعي، فسلك إلى هذه الغاية الطريق الوحيد الذي ينتهي بها طريق التربية الإسلامية.[13]
وكان الساسة في ميدانهم قد هجروا القرآن، فما تدور على ألسنتهم آياته، وما تعرف في أعمالهم توجيهاته، فإذا بهم يسمعون في ميدان السياسة واعظًا يقرأ القرآن ويستهدي بمنار السنة، وكان الطيبون من أهل الخير قد نسوا في العزلة التي رمتهم الحضارة الغربية فيها، أن للإسلام شريعةً تحكم، ودولةً تسود.. فإذا بهم يسمعون في الصوامع والمساجد رجلاً يحدثهم عن سياسة الدنيا باسم الله و يسوق حشدًا من النصوص تدفع المصلحين إلى إصلاح ما حولهم من شئون الأمة ومراسيم الدولة.[13]
فيجب أن تقوم النفوس بالطاعة، وأن يحارب الإسراف والترف بالاقتصاد والاجتهاد وأن تعلم الأمة الإقبال على المخاطر لتسلم لها الحياة، وأن يتم ذلك كله على دعامة موطدة من قوة الصلة بالله، وحسن البنا كان موفقًا في اصطياد الرجال وكانت كلماته تأخذ طريقها إلى عقولهم فتأسرها، وذلك أمر يرجع إلى المهارة الخاصة، ولاقتياد الكلمة من فم القائل إلى شغاف قلب السامع، كما حرص البنا أن تكون دعوته غير إقليمية في حدود مصر، ولذلك فإنها امتدت إلى الكثير من أقطار العالم العربي والإسلامي.[13]

المؤاخاة

من أشد ما كان يحرص عليه البنا، المؤخاه في الله، يقول «أن لم ترد أن تكون أخاً نسعد بك، فلا أقل من أن تكن صديقاًً نرتاح إليك..» ولهذا لم يكن هناك من يجفوه، كان عملياً في هذه الحياة تنفيذاً لقول رسول الله Mohamed peace be upon him.svg (من أخى أخا في الله، كانت له درجة في الجنة لا يبلغها بشيء من عمله).[13]

العبقرية

إن كل من عرف حسن البنا عن كثب لا عن كتب وعاش متصلاً به عرف فضل هذه الشخصية التي قفزت إلى الوجود، وفاجأت مصر ثم العالم العربي والإسلامي كله بدعوته وتربيتها وجهادها وقوتها الفذة التي جمع فيها مواهب وطاقات قد تبدو متناقضة في عين كثير من علماء النفس والأخلاق، ومن المؤرخين والناقدين هي العقل الهائل النير، والفهم المشرق الواسع، والعاطفية القوية الجياشة، والقلب المبارك الفياض، والروح المشبوبة النضرة، واللسان الذرب البليغ، والزهد والقناعة في الحياة الفردية، والحرص وبعد الهمة – دون كلل – في نشر الدعوة والمبدأ، والنفس الولوعة الطموح والهمة السامقة الوثابة، والنظر النافذ البعيد، والإباء والغيرة على الدعوة، والتواضع في كل ما يخص النفس، تواضعاً يكاد يجمع على الشهادة به عارفوه حتى لكأنه مثل رفيف الضياء لا ثقل، ولا ظل، ولا غشاوة.[23]
وقد تعاونت هذه الصفات والمواهب في تكوين قيادة دينية اجتماعية، لم يعرف العالم العربي وما وراءه قيادة دينية سياسية أقوى وأعمق تأثيراً وأكثر إنتاجاً منها منذ قرون، وفي تكوين حركة إسلامية يندر أن تجد حركة أوسع نطاقاً وأعظم نشاطاً وأكبر نفوذاً، وأعظم تغلغلاً في أحشاء المجتمع، وأكثر استحواذاً على النفوس منها، ولقد تجلت عبقرية الداعي مع كثرة جوانب هذه العبقرية ومجالاتها في ناحيتين خاصتين لا يشاركه فيهما إلا القليل النادر من الدعاة والمربين والزعماء والمصلحين:
أولها شغفه بدعوته وإيمانه واقتناعه بها وتفانيه فيها وانقطاعه إليها بجميع مواهبه وطاقاته ووسائله، وذلك هو الشرط الأساسي والسمة الرئيسية للدعاة والقادة الذين يجري على أيديهم الخير الكثير، وثانيها تأثيره العميق في نفوس أصحابه وتلاميذه ونجاحه المدهش في التربية والإنتاج، فقد كان منشئ جيل، ومربي شعب، وصاحب مدرسة علمية فكرية خلقية، وقد أثر في ميول من اتصل به من المعلمين والعاملين، وفي أذواقهم وفي مناهج تفكيرهم وأساليب بيانهم ولغتهم وخطاباتهم تأثيراً بقي على مرّ السنين والأحداث، ولا يزال شعاراً وسمة يعرفون بها على اختلاف المكان والزمان.[23]

الحالة الأسرية

اخوته

لحسن البنا أربعة أشقاء ذكور، عبد الرحمن البنا قيادي ومن الرعيل الأول للإخوان وكان عضواً بمكتب الإرشاد ومن أشقائه جمال البنا. ومن جهة أسرته الخاصة فقد أنجب حسن البنا ست بنات هن وفاء، سناء، رجاء، صفاء، هالة، واستشهاد - توفيت صفاء في حياته - وولدين أحمد سيف الإسلام ومحمد حسام الدين - توفي في حياته -.[24]

حسن البنا رب أسرة

كانت عناية البنا بأمور بيته عناية ممتازة، كان يكتب بنفسه الطلبات التي يحتاجها المنزل شهرياً، ويدفعها في أول كل شهر إلى أحد الإخوان الحاج سيد شهاب الدين صاحب محل البقالة ليوفر هذه الطلبات في كل شهر، كما كان عطوفاً إلى أقصى درجة، راعى مشاعر الطفولة في أبنائه بشكل كبير، كان لدية القدرة على جعلهم يطيعونه دون ما حاجة إلى أمر، فقد دار حوار بينه وبين ابنه أحمد سيف الإسلام مفاده أن دخول السينما أمر لا يليق بالمسلم فلم يحاول أن يدخل السينما قط، بل ظل حتى اليوم لم يدخلها وهذا من قوة تأثير البنا وجاذبيته.[25]
كان أقصى ما يعاقب به الواحد من أبنائه هو قرص الأذن وفي ذات مرة قرص أذن ابنه أحمد وهذا أكبر عقاب وقع عليه، بل اتصل على ابنه تليفونياً في الساعة الحادية عشر صباحا ليطمئن عليه وصالحه، رغم أن القرص كان في الصباح لخطأ ارتكبه، كان البنا كريماً مع أبنائه فكان الواحد منهم يأخذ مصروفاً ثلاثة قروش وهذا مبلغ كان يعتبر كبيرا في ذلك الوقت، لأن زملائهم في المدرسة لم يكن الواحد منهم يأخذ أكثر من ربع قرش أو نصف قرش، هذا بالإضافة إلى بعض المبالغ التي كان يعطيهم إياها في يوم الجمعة ويطلب منهم توزيعها على بعض الفقراء في المسجد، وقد يكون هذا خمسة قروش أو عشرة.[25]

حسن البنا الزوج

لقد كان والدي رحمه الله يحرص على تطبيق السنة تطبيقا متناهيا، وحينما تزوج حرص على أن يعرف أقارب زوجته فرداً فرداً، أحصاهم عداً وزارهم جميعاً رغم بعد أماكنهم أو بعدهم بعضهم عن البعض بسبب الظروف العائلية المتوارثة كأن يكونوا ليسوا أشقاء مثلاً ولكن البنا كان يفاجئ زوجته بأنه اليوم قد زار أحدهم وهذا يمت لها بصلة القرابة عن طريق فرد من الأسرة، وهذا يرجع إلى دقته في الالتزام بسنة رسول الله.[25]
كان البنا رقيق المشاعر، كان يعود للمنزل دائما متأخراً بعد انتهاء العمل مع الإخوان، وكان مفتاح المنزل طويلاً إلا أنه يفتح الباب بالمفتاح الذي معه بمنتهى الدقة والهدوء حتى لا يزعج أحداً من النائمين، كان يدخل البيت فيطمئن على غطاء كل الأبناء، وقد يتناول عشاءه الذي يكون معداً على المائدة ومغطى، دون أن يحرص على إيقاظ زوجته أو أحد من أهل البيت لحضوره في هذه الساعة المتأخرة من الليل.[25]
حسن البنا وأبنائه، ويظهر أحمد سيف الإسلام يسار الصورة.

معاملته مع الخادمة

كانت تتواجد في المنزل خادمة صغيرة تساعد زوجة البنا في شئون المنزل، وكان لكل من في العائلة سرير مستقل ودرج مستقل في دولاب واحد، وكان للخادمة أيضاً سرير مستقل ودرج في نفس الدولاب، وكان البنا يكلف ابنته الكبرى وفاء بأن تعلم هذه الخادمة في المساء القراءة والكتابة وأن تعلمها الصلاة، وذكر البنا مرةً أنه في إحدى المرات قد أنه قد زار فلانة إحدى الخادمات بمنزلها بعد زواجها وكانت قد خدمت بمنزله فترة من الزمن وذلك حينما كان يزور بلدتها في المنوفية.[25]

الأب وابنه

نذكر هنا جانباً مهماً من حياة البنا يتحدث عنه ابنه سيف الإسلام فيقول:
«إن ما يعلمه الناس من أمر حسن البنا أقل بكثير مـن حقيقته، وباطنه أفضل آلاف المرات من ظاهره، هو شخصية واحدة داخل بيته وخارجه، قدوة حسنة لكل أفراد أسرته ولكل إخوانه في جماعة الإخوان المسلمين.»
في إحدى السنوات نقل البنا جزءاً من مكتبة البيت إلى مقر مجلة الشهاب واشترى عدة مكتبات جديدة للمنزل، وكان نصيب أحمد من هذا التغيير أن فاز بمكتبة صغيرة أهداها له والده حسن، ومنحه مصروفاً زيادة قدرة خمسون قرشاً كل شهر لشراء الكتب بمعرفت ابنه أحمد وتكوين مكتبة خاصة به، وبحكم سنه في ذلك الوقت فقد اشترى عدة كتب من درب الجماميز ومنها روايات عن المغامرات البوليسية لأرسين لوبين وشارلوك هولمز وغيرهما، وحينما جاء الوالد متأخراً بالليل وجده ساهراً يقرأ في هذه الروايات باهتمام شديد، تركه ولم ينهه عن قراءتها ولكن حينما انتهى من قراءة هذه الروايات قال : «سأعطيك شيئاً أحسن منها» وبدأ يغذيه ببعض الكتب منها سيرة الأميرة ذات الهمة، وسيرة عنترة بن شداد، وسيف بن ذي يزن وبعض روايات البطولة الإسلامية، ثم بعد ذلك دفع إليه بكتاب سيرة عمر بن عبد العزيز وغيره من الكتب المفيدة.[25]
شعر أحمد في هذه الأثناء أن والده يتابع قراءته بدقة رغم انشغاله بأمور الدعوة. وكان من عادته أن يعتمد في تربية أبنائه على الأسلوب غير المباشر، أسلوب التعريض دون الطلب وكان في كثير من الأوقات وخصوصاً في رمضان إذا حضر المنزل واستراح قليلاً يستيقظ قبل المغرب بساعة تقريباً ويدعوا أحمد والأخت الكبرى وفاء بدعوى أن يسمعوا له القرآن الكريم، فكانا يمسكى المصحف وينظرا فيه وهو يقرأ، وقد أدرك الأبناء لما كبروا أن غرضه من هذا العمل هو تعليمهم من حيث لا يدرون كيف يتلون القرآن. وفي مجال الدراسة والتحصيل العلمي كان البنا يضع شهادات الدراسة لأبنائه أولاً بأول في ملف مسجلاً عليها بعض الملاحظات مثل سيف يحتاج إلى التقوية في كذا وضعيف في كذا، وفاء تحتاج إلى المساعدة في مادة كذا وهكذا.[25]
لقد عاصر سيف الإسلام والده حسن البنا لمدة عامين وهو طالب في المرحلة الثانوية وكان دخول المرحلة الثانوية هو الميلاد السياسي للشاب في ذلك الوقت، لأنه يستطيع أن يشترك في الجمعيات أو الأحزاب وأن يطبع كارت يكتب عليه اسمه وتحته لقب طالب ثانوي وأن يشترك في المظاهرات، وقد انضم أحمد إلى قسم الطلاب في هذه المرحلة، ويذكر أن الذي كان يرأسه في ذلك الوقت الأستاذ فريد عبد الخالق، وكان زملائه في القسم مجموعة من طلاب مدرسة بمباقادن الثانوية، وكان مقرها بشارع إلهامي بالجمالية بالقرب من المركز العام للإخوان المسلمين، وكان بطبيعة الحال يشارك مع الأخوة في هذه المدرسة في نشاط قسم الطلاب وكانوا يديرون بالمدرسة مناقشات حول قضايا معظمها في المسألة الوطنية وقضية وادي النيل وإخراج الإنكليز من مصر والسودان والوحدة بين مصر والسودان.
وحينما كان يعود للمنزل ويتناول الغداء مع والده كان يسأله عما يجري ويحدث في المدرسة من مناقشات، ويذكر أنه سأله مرة سؤالاً صريحاً :«وماذا سنفعل مع الإنكليز إذا لم يخرجوا من مصر ؟» فقال والده :« سنرسلك مع كتيبة لإخراجهم بالقوة» وقد رد عليه حينئذ ببيت عنترة بعد أن غير فيه الضمير وقال له :
وسيفك كان في الهيجا طبيبا
يداوي رأس من يشكو الصداع
وقد نال في ذلك الوقت قبلة على جبينه لا زال يتحسس موضعها حتى الآن.[25]

التربية السياسية عند البنا

يعتبر الكثيرين حسن البنا رجلاً متعدد المواهب والقدرات، فهو عالم وداعية ومصلح ومجدِّد وقائد وزعيم وهو كذلك مُرَبٍّ من الطراز الأول، كما أنه مربِّيا بحكم الموهبة وبحكم الدراسة وبحكم الممارسة، وكانت لديه كل الأدوات التي يفتقر إليها المربِّي الناجح من البصيرة النَّيِّرة والقلب الكبير والعقل المنفتح واللسان الفصيح والوجه البشوش والفِراسة النادرة، إلى جوار العلم الواسع والخبرة الفنية والاجتماعية.[26]
تتسم خصائص التربية عند البنا بخصيصتين أساسيتين أولاهما التكامل، ومعناها أنها تربية شاملة لا تقتصر على جانب دون جانب، فهي تتناول الروح والجسم، والعقل والعاطفة، والضمير والوجدان، وتعمل على تكوين الشخصية المسلمة تكويناً متكاملاً، وثانيتهما التوازن، ومعناها أنها تعطي كل جانب من الجوانب حقَّه بلا طغيان ولا إخسار بحيث لا يطغى على غيره من الجوانب، ولا يحرمه حقه لحساب غيره. اهتم البنا اهتماماً واضحاً بالجانب السياسي، ويُرجع السبب في ذلك إلى أن الناس في ذلك الوقت رجلان إما رجل دين وإما رجل سياسة، والجماعات نوعان إما جماعة دينية وإما جماعة سياسية، ويمنع على رجل الدِّين أن يشتغل بالسياسة، كما يَحْرُم على رجل السياسة أن يشتغل بالدِّين، ومثل ذلك تَدَخُّل الجماعة الدينية في الشؤون السياسية، أو رجال السياسة في شؤون الدِّين.[26]
في هذا الجو الذي وجد فيه البنا، كان من اللازم عليه أن يخوض معركة حامية الوطيس لمطاردة المفاهيم الخاطئة عن العلاقة بين الدِّين والسياسة، وكان لا بد من حرب الفكرة الخاطئة بالفكرة الصحيحة وهي شمول الإسلام لكل جوانب الحياة ومنها السياسة، كما دلَّ على ذلك القرآن والحديث وهَدْي الرسول وسيرة الصحابة، وعمل الأمة كلها طوال ثلاثة عشر قرناً أو تزيد. فكانت دعائم التربية السياسية لدى البنا هي الربط بين الإسلام والسياسة، إيقاظ الوعي بوجوب تحرير الوطن الإسلامي، إيقاظ الوعي بوجوب إقامة الحُكم الإسلامي، إيقاظ الوعي بوجوب إقامة الأمة المسلمة، إيقاظ الوعي بوجوب الوحدة الوطنية والعربية والإسلامية، الترحيب بالنظام الدستوري والنيابي، التنديد بالأحزاب والحزبية، حماية الأقليات والأجانب.[26]

بين الصوفية والسلفية

من المفاتيح الهامة للتعرف على حقيقة الشخصية الفذة، إلى جانب ما حباها الله من قدرات روحية وفكرية وتنظيمية واسعة، قابليتها للنمو والإفادة من الخبرات المتوالية التي تتاح لها، لقد تأثر حسن البنا في حياته بالتصوف وهو يقرر في مذكراته أنه اتصل بالطريقة الحصافية في المحمودية خلال صباه الباكر، وانعكس آثار الطريقة على شخصيته القيادية في توجيهه للجماعة أول الأمر، فكان يوصي كثيراً بتدريس كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي ويقتبس منه من الذاكرة في أحاديثه المرتجلة، وكأنه يحفظه عن ظهر قلب.[10]
وقد كان منتظراً من شخص نشأ مثل هذه النشأة الصوفية أن يكون موصد القلب إزاء النزعة السلفية، التي تبرز مثلاً في كتابات ابن تيمية وابن القيم، لاسيما أن كتابات هذين الإمامين لم تكن تلقى قبولاً من شيوخ الأزهر بمصر، غير أنه قد بدا في حسن البنا تطور فكري نحو السلفية خلال المرحلة الأخيرة من حياته المحدودة الأجل، فنراه يقول في خطابه إلى المؤتمر الخامس للإخوان عام 1357هـ - 1938م:«إن الإخوان المسلمين دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وفكرة اجتماعية .... إلخ.» أي أنه في مسيرة قرابة عشر سنوات منذ بدأ دعوته بالإسماعيلية، أخذت تتبلور في فكره وتنعكس في أحاديثه نزعة سلفية واضحة تعلو نبراتها يوماً بعد يوم، وتغطي على بداياته الصوفية.[10] فيمكن اعتبار البنا مزيجًا متميزًا من الفكر السلفي والروحانية الصوفية، فقد كان تجسيدًا فريدًا للروحاني الصوفي، والعالم المسلم، والقائد الحركي الذي امتلك قدرة نادرة على تحريك الجماهير، من خلال ترجمة المبادئ العقدية والفكر السلفي إلى عمل اجتماعي.[11]

منتقدوا البنا

معارضيه السياسيون

ذكر ثروت الخرباوي أن البنا أول من وضع ملامح المجتمعين، مجتمع الإيمان الصحيح - الإخوان - ومجتمع الباطل وهو باقي المسلمين، حيث تضمنت رسائل البنا – خاصة رسائل التعاليم – العديد من اللمحات للأمة بأنها كافرة وغاب عنها الإسلام منذ قرون، وأن الله سخره وجماعته ليعيد الإسلام لها، وقال طارق أبو السعد القيادي الإخوانى السابق: إن حسن البنا مارس شكلاً من أشكال الخداع الفكري، فقد صنع جماعة ظاهرها الدعوة وباطنها استخدام القوة مستشهدًا بقول حسن البنا «سنستخدم القوة عندما لا يجدى غيرها، وسننذر أهلها قبلها، وسنكون شرفاء ونتحمل النتائج» التي قالها فى رسالة المؤتمر الخامس.[27]
كما قال أحمد ربيع الغزالي محامي جماعة الاخوان المسلمين السابق، إن فكر حسن البنا الأصولي العام كان بعيدًا عن التكفير، حيث أنه لم يختلف مع أهل السنة والمذاهب الأربعة ومفهوم الأزهر المعتدل، ولم يكفر مسلم نطق الشهادتين، إلا أن فكره السياسي كان مضطربًا، وأشار الغزالي إلى أن البنا أنشأ الجماعة بغرض الوصول إلى الحكم وهو أكد ذلك بنفسه، ولا يرى أن يكون الوصول إليه عن طريق الاقتراع أو الانتخاب أو الأحزاب، ولكن عن طريق القوة المسلحة، حيث كان البنا يريد أن يصل إلى الحكم عن طريق تجهيز 12 الف من المجاهدين، وخلفية الفقه السياسي خلفية تكفيرية ولكن لم يصرح بها.[27]
وقال سامح عيد الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية والقيادي المنشق، أن حسن البنا كان عندما يتحدث عن جماعته يستدعي آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن المؤمنين والصالحين، أما حينما يحدث عن المخالفين له فكان يستدعي آيات المنافقين والمشركين، وأنه كان يقول دائماً «اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون» لمن دون جماعته، وأوضح أن البنا قام بتسمية نفسه بالمرشد وهو ابن 22 عاماً وهو كما يظن سامح عيد أنه استعلاء إيماني، وهذا يجعل من غيره ضالين وهو مرشدهم، وأضاف أن حسن البنا كان يرى أنه هناك 3 قوى، وهي القوة الايمانية، قوة الترابط، والقوة التنفيذية، مستشهداً بقول حسن البنا «سأكون 12 ألف وأخوض بهم لجج البحار واقتحم عنان السماء وأقاتل كل عنيد جبار.[27]»

اتهام بالعنف

كان مما فعله البنا منذ اللحظة الأولى التى أنشأ فيها جماعة الإخوان أن جعل من السيف شعاراً لها، ليس سيفا واحداً بل سيفين، وكانت دلالة اختياره للسيفين أن أحدهما يجب أن يوجه للداخل لمحاربة من يقفون ضد الدين، والثاني يجب أن يوجه للخارج حيث سيكون السيف هنا وسيلة لفرض الدين للحكم فى العالم تحت مسمى إنشاء دولة الخلافة، كما اختار البنا كلمة مأخوذة من آية قرآنية لتكون هى المحور الذى يرتكز عليه السيفان، وهى كلمة وأعدوا من آية «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم».
وذات يوم سأل ثروت الخرباوي الأستاذ عمر التلمساني المرشد الثالث للجماعة عن هذا الشعار، فقال إن البنا اختاره ليواجه به الاستعمار الإنجليزي، فقال الخرباوي له: ولماذا لا نغيره الآن وليس هناك من يحتلنا؟ فقال: ولكن اليهود يحتلون فلسطين، فيعتقد خصوم الإخوان أن الدين عندهم هو القتل والقتال، هو الإجبار والإكراه، هو الولاء والبراء، فحيثما كان الرجل معك فى تنظيمك وفهمك للدين فيجب أن تواليه وتحبه، أما إذا كان خارج التنظيم وعلى غير فهمك فيجب وفقاً لفهمهم للنصوص أن تعاديه وتتبرأ منه.
أما عن العنف والقتل والقتال فهناك مقولة للبنا فى رسالة من رسائله قال فيها: «الإخوان المسلمون يعلمون أن أول مراتب القوة هى قوة العقيدة والإيمان، ثم تليها قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدها قوة الساعد والسلاح» وفى رسالة أخرى للبنا يوجهها إلى شباب الجماعة يتحدث فيها عن أمله فى أن يكون لديه من الإخوان كتائب مقاتلة من الشباب يغزو بهم العالم فيقول: «لا فى الوقت الذي يكون فيه لكم معشر الإخوان المسلمين ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسها .. فى هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحر، وأقتحم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإنى فاعل إن شاء الله» كما قال مرةً «من يقعد من الإخوان عن التضحية مع هذه الكتائب فهو آثم.»
من أجل ذلك أنشأ حسن البنا الجهاز الخاص الذي ارتكب الكثير من الاغتيالات وفقا لما ورد فى مذكرات قادة الجهاز الخاص - أحمد عادل كمال ومحمود الصباغ - حيث ورد فى مذكراتهم:« إن قتل أعداء الله هو من شرائع الإسلام، ومن خدع الحرب فيها أن يسب المجاهد المسلمين وأن يضلل عدو الله بالكلام حتى يتمكن منه ويقتله.»
واستشهد خصوم الإخوان أيضاً بمحاضرة ألقاها مصطفى مشهور المرشد الخامس للجماعة، قال فيها
«إن لفظ الإرهاب هو من ألفاظ القرآن الكريم، وهو عقيدة إسلامية خالصة، ليس هو فقط، ولكن أيضاً لفظ الرعب، فنحن لا ننتصر إلا بالإرهاب والرعب، ويجب ألا ننهزم نفسياً من اتهامنا بالإرهاب، نعم نحن إرهابيون»
وكان من الذي استدل به فى هذا الموضع قول الله «ترهبون به عدو الله وعدوكم» وقوله أيضاً «سنلقى فى قلوب الذين كفروا الرعب» واستطرد مشهور فى محاضرته قائلًا:
«ولكن يجب أن تعلموا أن هذا العلم هو علم الخواص، ونحن من الخواص، ولا يجب أن نصدح به أمام العامة حتى لا يجفلوا من جماعتنا، فنحن فى فترة تشبه فترة وجود الرسول Mohamed peace be upon him.svg في مكة، حيث كان آنذاك سلمياً لا يقاتل، ولكن بعد أن أقام دولته قاتلهم.»
من كلمات «مشهور» هذه نعرف أن تنظير سيد قطب فى كتابه معالم فى الطريق هو الذي فتح لهم باب إعمال القياس التاريخي.[28]

مناظروه السلفيون

انتقد بعض معتقدي العقيدة السلفية وخاصة السلفية الجامية المتأثره بأدبيات وأطروحات محمد أمان الجامي حسن البنا والإخوان المسلمين منذ نشوئها تقريباً، ومن أبرز الإنتقادات كانت بالعقيدة ونوع المنهج وطريقة تطبيقة، منها التهاون في توحيد العبادة الذي هو من أهم الأشياء في الإسلام، سكوت الإخوان وإقرارهم للناس على الشرك الأكبر؛ كالدعاء لغير الله، والتطوف بالقبور، والنذر لأصحابها، والذبح على أسمائهم، ومنها أن البنا أخذ البيعة من عبد الوهاب الحصافي على طريقته الحصافية الشاذلية. كما ينتقد الجامية دعوة البنا وجماعته إلى خلافة، وهذا بدعة - كما يؤكدون - فإن الرسل وأتباعهم ما كلفوا إلا بالدعوة إلى التوحيد إستناداً واستشهاداً بقول الرب في القرآن (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت) كما يؤخذ عليهم عدم الولاء والبراء عندهم أو ضعفه و يتبين ذلك من دعوتهم للتقريب بين السنة والشيعة، وتتبعهم عثرات الولاة، والتنقيب عن مثالبهم، ونشرها بين الشباب، وأهم إنتقاد على الإخوان هو الحزبية التي تعتبر ممقوتة لدي السلفية، فيوالي الإخوان من أجل هذا الحزب و يعادون من أجله، كما ينتقدون وبشدة من السلفية الجامية والجهادية وكثير من الأحزاب السياسية على أخذ الإخوان البيعة للعمل على المنهج والهدف الإخواني بالشروط العشرة التي ذكرها البنا.[29][30]

مؤيدوا البنا

قال بعض مؤيدين دعوة البنا وفكره بإنه من الدعاة المصلحين الذين قدموا أنفسهم رخيصة في سبيل الله، وقد أحدث نهضة إسلامية، وحركة دعوية كبيرة، ونفع الله به الكثير، ومع ذلك فهو بشر يصيب ويخطئ، وإطلاق أن فلاناً أو فلاناً أفضل إمام في هذا العصر إطلاق لا ينبغي، فالأفضلية أمرها إلى الله، بل ربما أدى إطلاق مثل هذه العبارات إلى إثارة شحناء بين المسلمين هم في غنى عنها.[31] ومن الإنصاف وحتى يكون تقويم البنا عادلاً ينبغي أن نضع آراء البنا في إطار زمنها وبيئتها وظروفها، فقد يتشدَّد حسن البنا في أمور نحن نتساهل فيها اليوم بمقتضى التطور العالمي واقتراب الناس بعضهم من بعض وحاجة العالم بعضه إلى بعض، وتغيُّر صفة بعض الدول من دول استعمارية ظالمة للمسلمين إلى دول حليفة أو شريكة للمسلمين، كما أن البنا في بعض ما كتبه كان في عنفوان الشباب بما فيه من حماس للحق وثورة على الباطل واندفاع في المواجهة.[26]

الإرث الثقافي

أسس الجماعة

أسس البنا الفروع لجماعة الإخوان المسلمين ووضع النُّظُم والهيئات الإدارية للإخوان المسلمين، وهي:[3]
  • المرشد العام
  • مكتب الإرشاد العام
  • مجلس الشورى الذي يتكوّن من نواب المناطق
  • نواب المناطق والأقسام
  • نواب الفروع
  • مجالس الشورى المركزية
  • مؤتمرات المناطق
  • مندوبو المناطق
  • مندوبو المكتب
  • فرق الرحلات
  • فرق الأخوات

وصايا البنا العشر

  • قم للصلاة متى سمعت النداء مهما تكن الظروف.
  • أُتْلُ القرآن وطالع أو استمع أو اذكر الله، ولا تصرف جزءاً من وقتك في غير فائدة.
  • اجتهد أن تتكلّم العربية الفصحى فإنّ ذلك من شعائر الإسلام.
  • لا تكثر الجدل في أيّ شأن من الشؤون أيّا كان، فإنّ الهراء لا يأتي بخير.
  • لا تكثر من الضحك فإنّ القلب الموصول بالله ساكن وقور.
  • لا تمازح فإنّ الأمة المجاهدة لا تعرف إلا الجد.
  • لا ترفع صوتك أكثر مما يحتاج إليه السامع فإنه رعونة وإيذاء.
  • تجنّب غيبة الأشخاص وتجريح الهيئات ولا تتكلّم إلا بخير.
  • تعرّف إلى من تلقاه من إخوانك وإن لم يطلب منك ذلك.
  • الواجبات أكثر من الأوقات فعاون غيرك على الانتفاع بوقته. وإن كان لك مهمة فأوجِز في قضائها.[3]
كتاب مذكرات الدعوة والداعية بقلم حسن البنا، الذي طبع من أكثر من دار نشر منها آفاق للنشر والتوزيع ودار الكتاب العربي وكنوز للنشر والتوزيع.

مؤلفاته

الرسائل

ما ورد عنه

مؤلفات عنه

قالوا عنه

  • الشيخ محمد مصطفى المراغي:إن الأستاذ البنا رجل مسلم غيور على دينه، يفهمالوسط الذي يعيش فيه، ويعرف مواضع الداء في جسد الأمة الإسلامية، ويفقه أسرارالإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالًا وثيقًا على اختلاف طبقاتهم، وشغل نفسه بالإصلاح الديني والاجتماعي على الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة.
  • الشيخ حسنين مخلوف - مفتي مصر الأسبق: الأئمة في مختلف العهود كانوا أعلام دينوسياسة، والشيخ حسن البنا -أنزله الله منازل الأبرار- من أعظمالشخصيات الإسلامية في هذا العصر، بل هو الزعيم الإسلامي الذي جاهد في الله حقَّالجهاد، واتَّخذ لدعوة الحق منهاجًا صالحًا، وسبيلًا واضحًا، واستمده من القرآنوالسنة النبوية، ومن روح التشريع الإسلامي، وقام بتنفيذه بحكمة وسداد، وصبر وعزم،حتى انتشرت الدعوة الإسلامية في آفاق مصر وغيرها من بلاد الإسلام، واستظلَّ برايتها خلقٌ كثير.
يتناول المؤلف سيرة الامام حسن البنا من الميلاد الى الاستشهاد ومراحل تاسيس جماعة الاخوان المسلمين متناولا حرب فلسطين عام 1948 ودور الاخوان المسلمين فيها.[34] (2007)
  • الشيخ أحمد حسن الباقوري - وزير الأوقاف المصري الأسبق: لقد عاش الأستاذ حسن البنا لغاية آمن بها إيمانًا شغله عن كل ما يشغل الناس سواه، شغله عن أهله وعن ولده وعن نفسه، فلوأنه سُئل عن مقدار التضحية التي بذلها في سبيل إيمانه هذا، لاستطاع أن يقول: ضحيت بمالي، وبولدي وراحتي، ولم أقْصُر حياة الشظف والخشونة على نفسى، حتى جاوزتُها إلى كل من لهم صلة بي، ثم أخيرًا ضحيت بنفسي. ولو أنه سُئل عن الغاية التيتحراها من كل هذا العناء العالي؟ لاستطاع أن يقول بارًّا صادقًا: لم أرد عرض الحياةالدنيا، وإنما أردتُ الله وابتغيتُ ثوابه العظيم، ومثل ذلك حق على الله أن يرضيهحتى يرضى، وأن يفتح له أبواب جنته يتبوأ منها حيث يشاء، إن شاء الله.
  • الشيخ علي الطنطاوي: عرفته هادئ الطبع رضي الخلق، صادق الإيمان طليق اللسان، آتاه الله قدرةً عجيبةً على الإقناع، وطاقةً نادرةً على توضيح الغامضات، وحل المعقَّدات، والتوفيق بين المختلفين، ولم يكن ثرثارًا؛ بل كان يحسن الإصغاء كما يحسن الكلام، وطبع الله له المحبَّة في قلوب الناس.[6]
  • الشيخ علي حسب الله -أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم: كانت غايته أن يُؤلِّف بين القلوب بالمحبة ويوجهها إلى الله، ويُعِدَّها للتضحية فيسبيل الحق، ويرى أن هذا كفيلٌ برفع أسباب النزاع؛ فإنَّ النفوس الطاهرة والقلوبالخالصة في منعةٍ من وساوس الشيطان وعوامل الفرقة والخذلان.
  • محمد يوسف موسى - الأستاذ بكلية أصول الدين: لقد كان صديقنا المغفور له الأستاذ حسن البنا داعية دينيًّا واجتماعيًّا من الطراز الأول، قد جمع الله تعالى له كل ما يجب لنجاح الدعوة، ولعل من أهم ذلك ما لمسته فيه منبصره النافذ بمَن يصلحون للقيام معه بدعوته، ثم عمله على ضمهم إليه بكل قلوبهم وعقولهم ومواهبهم، عرفتُ ذلك منه بخاصة، حين رغب إلي وآخرين معي في أن نكون رفقاء له في رحلةٍ من القاهرة إلى الإسكندرية ثم رشيد بعد الحرب الماضية.
  • عبد العظيم المطعني - الأستاذ بجامعة الأزهر: قد وهبالله الإمام الشهيد البيان الواضح والأسلوب الحكيم، إلى ما عمرت به شخصيته من أدبالنفس واستقامة السلوك، وفقهه بمقاصد الإسلام، وحفظه للقرآن الكريم، والوقوف علىأسراره ومعانيه، وروايته للحديث، وإلمامه بعبر التاريخ، وفهمه لسيرة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعرفته بمواطن الضعف في الأمة، وبهذا قد استكمل الإمامالشهيد كل مقومات الداعية المؤثر، والمصلح المطاع، كان يعرف إلام يدعو، وكيف يدعو،ومن يدعو، ومتى يدعو، بقلب شجاع وسلوك طيب، ولسان فصيح، وحجة ساطعة، فلا غرابةَ أن يلتف الشباب كله في عزمٍ وثباتٍ حول ذلك المصلح المخلص.
  • الشيخ محمد الغزالي: "الرجل الفذ".[3]
  • الأستاذ أبهى الخولي: "فكرة تحيا في رجل".[3]
  • الشيخ محمد متولي شعراوي: "شجرة ظلها وافر".[3]

انظر أيضًا

المصادر

  1. قبس من حياة الشيخ حسن البنا
  2. ^ اغتيال حسن البنا، برنامج الجريمة السياسية، وثائقي من إنتاج قناة الجزيرة - الجزء الثاني (3 فبراير 2006م)
  3. الإمام حسن البنا
  4. ^ إخوان أون لاين : تاريخ الإخوان، الظروف السائدة بمصر قبل نشأة جماعة الإخوان (3)
  5. حسن البنا من موقع المكتبة الشاملة.
  6. الشيخ الإمام: حسن البنا موقع الصوفية.
  7. ^ قُبلة السيسي وقُبلة حسن البنا
  8. حسن البنا: قسم أعلام المسلمين موقع المكتبة الإسلامية، مجالس الإقلاع.
  9. ^ أنور الجندي (دار الهلال – مايو 1977)
  10. د. محمد فتحي عثمان- المجلة 9 آذار (مارس) 1984
  11. حسن البنا .. في ذكرى الاستشهاد بقلم ثامر سبعانه.
  12. حسن البنا(1906-1949) فلسطين أرض الرسل والأنبياء الذين
  13. حسن البنا... الرجل القرآني الملهم علامات أون لاين، بقلم أحمد شافعي.
  14. ^ مذكرات سعد الدين الوليلي, السكرتير الخاص للإمام الشهيد.
  15. ^ في ذكرى استشهاد حسن البنا: الإخوان وسنة التجديد جريدة الغد، بقلم محمد الجمالي.
  16. ^ من قتل حسن البنا و كيف كانت نهاية سيد قطب موقع تاريخ مصر.
  17. ^ مجلة التحرير، عدد44، بتاريخ 16/2/1954
  18. ^ اغتيال حسن البنا ج2، برنامج الجريمة السياسية، 3 فبراير 2006
  19. ^ لماذا يكره الإخوان المسلمون جمال عبدالناصر؟ - جريدة 26 سبتمبر
  20. ^ الأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي، قصة الإسلام، 12 مايو 2010
  21. قيادى اخوانى قديم يبرىء الملك فاروق من قتل حسن البنا بقلم أمير فودة.
  22. ^ دراسات إسلامية- سيد قطب، ص- 225.
  23. مقدمة مذكرات الدعوة والداعية، الإمام أبو الحسن الندوي، عالم الهند.
  24. ^ "سناء" كريمة الإمام البنا في أول حديث صحفي عن والدها, إخوان أون لاين, 1 نوفمبر 2006م
  25. حسن البنا في الميزان بقلم مصطفى محمد الطحان، من صحيفة الشرق العربي.
  26. التربية السياسية عند الإمام حسن البنا بقلم الإمام يوسف القرضاوي.
  27. مائة عام على ميلاده .. هل كان ” حسن البنا ” صانع التكفير في القرن العشرين؟ بقلم مصطفى رمضان.
  28. ^ حسن البنا.. الإرهابى الأول بقلم ثروت الخرباوي.
  29. ^ الفتاوى الجلية عن المناهج الدعوية، للشيخ أحمد بن يحيى النجمي، ص 52
  30. ^ هدم حسن البنا لعقيدة الولاء والبراء
  31. ^ أفضلية الناس أمرها إلى الله موقع إسلام ويب، مركز الفتوى.
  32. ^ إخوان أون لاين
  33. ^ إخوان أون لاين
  34. ^ الامام حسن البنا مجدد القرن معرض الكتاب الإسلامي.

المراجع

  • «مذكرات الدعوة والداعية» الشيخ حسن البنا.
  • «النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين» محمد رجب البيومي.
  • «أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين» جمعة أمين عبد العزيز.
  • «الإخوان المسلمون سبعون عامًا في الدعوة والتربية والجهاد» الدكتور يوسف القرضاوي.

وصلات خارجية

صوتيات
فيديو

تعليقات

إرسال تعليق