رسالة تركيا : الإسلام ديننا و باق فينا و سيظل باقياً


تركيا ذات أغلبية الإسلامية
ويمكن القول أن الحركات الإسلامية في تركيا تتميز عن غيرها
بكونها حركات تعمل ضمن نظام الدولة العلماني مستفيدة من مؤسساته الحكومية والمدنية لتحقيق أهدافها التي لم تتعد حدود ( مجموعة الأهداف الوطنية ) للمجتمع عامة
وهي كذلك حركات تكونت داخل النسق الاسلامى السنى  ولم تخرج عنه بل تطورت به نحو فكر  أوسع في مضمونه السياسي والاجتماعي والثقافي .

اكتسح مندريس انتخابات 1950 ببرنامج بسيط، وعد بإلغاء إجراءات الدولة العلمانية المعادية للشعائر الإسلامية، مثل منع الأذان باللغة العربية ووضع قيود على عدد الأتراك المؤدين لفريضة الحج، مبتدئا بذلك عهد الجمهورية الثانية. ثم عاد مندريس واكتسح انتخابات 1954 و1957، مواصلا سياسة التحالف مع الغرب في الحرب الباردة خارجيا وإفساح المجال للتعبيرات الإسلامية داخليا. لم يكن مندريس مناهضا لجمهورية أتاتورك، ولكنه أدرك بحصافته السياسية أن المشروع الأتاتوركي قد وضع الدولة في صدام دائم مع الضمير الجمعي للأتراك. ولأن إصلاحاته وجدت استجابة شعبية عارمة لم يكن هناك من طريق لوضع نهاية للجمهورية الثانية بدون قوة الجيش، وهو ما تجلى أخيرا في انقلاب 1960 الذي قاده جمال جورسيل.

حاكم الانقلابيون قادة الجمهورية الثانية، وأعدموا مندريس ووزيري المالية والخارجية، بينما لم ينج بايار من الإعدام إلا لتقدمه في السن. وفي الوقت نفسه، أحيل زهاء الأربعين في المائة من ضباط الجيش على التقاعد للشك في ولائهم لمندريس.

في السنة التالية للانقلاب وضع دستور جديد للبلاد، اعتقد واضعوه أنه سيكون الضمانة للنظام العلماني. وقد أسس دستور 1961، إلى جانب توجهه الاجتماعي، لدور الجيش السياسي من خلال مجلس الأمن القومي، وهو الدور الذي سيستمر على نحو أو آخر حتى مطلع القرن الحالي. ذلك كله لم يستطع إخفاء حقيقة إن الجمهورية الثانية أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن نظام أتاتورك لم يكن قابلا للحياة، وأن تغييرات جوهرية لا بد أن تجرى على علاقة الدولة بالإسلام وبالمجتمع على السواء.

بيد أن التحول الرئيس الذي صنعته حقبة مندريس كان فتح المجال للتفكير الإسلامي السياسي في تركيا. كانت القوى الإسلامية السياسية قد انتشرت في كل أنحاء العالم الإسلامي، من مصر وسوريا والعراق والسودان إلى باكستان وإندونيسيا. وبكسر شوكة الدولة العلمانية المناهضة للدين كدين بدأت مجموعة من أبناء الأنتلجنسيا التركية في بلورة تصور سياسي إسلامي لتركيا الحديثة

كانت تركيا قد مرت منذ 1999 بأزمة اقتصادية طاحنة، أفقدت الليرة التركية 50% من قيمتها الفعلية. كما أعلنت قمة الاتحاد الأوروبي في هلسنكي بدء التفاوض حول سعي تركيا الترشح لعضوية الاتحاد. لم تكن الأزمة الاقتصادية، ولا النظرة الأوروبية للحكم العسكري تسمحان بتدخل الجيش المباشر في نتائج الانتخابات. وكان واضحا أن كلا من قيادة العدالة والتنمية وقيادة الجيش يراهن على عامل الزمن.

بنيت توقعات الصدام بين الجيش وحكومة العدالة والتنمية على منطق تقليدي؛ فالخلفية الإسلامية لقادة العدالة والتنمية لم تكن تخفى على أحد، والجيش هو حارس علمانية الجمهورية وعدائها لكل ما هو إسلامي. ولكن المفاجأة كانت في نجاح أردوغان ورفاقه في إدارة حكومة بالغة الكفاءة، وتطبيق برنامج إصلاح سياسي واقتصادي لم تعرف تركيا مثيلا له منذ نصف قرن على الأقل.

المثال التركي

خلال العامين الأولين من عهدها، واصلت حكومة أردوغان المباحثات الخاصة بترشح تركيا للانضمام إلى الوحدة الأوروبية. وقد استخدم أردوغان المطالب الأوروبية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان والفصل القاطع بين السلطة التنفيذية والمؤسسة العسكرية من أجل وضع نهاية لتدخل الجيش في شؤون الحكم. وفي خطوة تحولية، ألغي مجلس الأمن القومي بتركيبته العسكرية الطاغية واستبدلت به هيئة شورى ترتبط بمكتب رئيس الوزراء.

ضمت هيئة الشورى أغلبية من المدنيين، بما في ذلك الأمين العام للهيئة. كما أخضعت ميزانية الجيش للمرة الأولى لسلطة البرلمان والرقابة القضائية. وقد جاء الدعم الأهم لحكومة العدالة والتنمية من حيث لم يتوقع أحد، ففي سياق الحرب على الإرهاب والضغوط الأميركية لتغيير مناهج التعليم والمناخ الثقافي والسياسي في بعض الدول الإسلامية، رأت واشنطن في التوجه العلماني لإسلاميي العدالة والتنمية مثالا يمكن أن يحتذى في بلدان إسلامية أخرى.

استقبل أردوغان بترحاب في البيت الأبيض، وأبلغ جنرالات الجيش التركي معارضة واشنطن أي تحرك عسكري ضد حكومة العدالة والتنمية. ولكن ما إن بدأت عملية غزو العراق حتى اكتشفت إدارة بوش أن التعامل مع تركيا العدالة والتنمية لن يكون سهلا بالضرورة. فقد صوت البرلمان التركي، حيث يتمتع العدالة والتنمية بأغلبية مريحة، ضد السماح للقوات الأميركية باستخدام الأراضي التركية لغزو العراق. ولم يتم تدارك الأمر، إلا بعد مرور عدة أسابيع من بدء الحرب، عندما سمح أردوغان للأميركيين بتحريك إمدادات لوجستية فقط من تركيا إلى العراق.

أسهمت نجاحات الحكومة الداخلية في تعزيز شعبية أردوغان وحكومته. وسرعان ما أظهر أردوغان ووزير خارجيته عبدالله غول قدرا متزايدا من الثقة بالنفس. انتقدت حكومة أردوغان السياسة الأميركية في العراق، لا سيما التحالف الأميركي مع الأحزاب القومية الكردية. كما أعربت حكومة أنقرة عن قلقها تجاه أوضاع تركمان العراق. ثم فاجأ أردوغان كثيرين بتوجيه انتقاد لاذع لسياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين في الضفة والقطاع.

ورغم أن البعض أشار حينها إلى توتر في العلاقات التركية– الإسرائيلية نظرا لتزايد التقارير حول نشاطات إسرائيلية في شمال العراق فإن تصريحات أردوغان ذكرت بالتزام أربكان التاريخي بالقضية الفلسطينية. ولكن تغييرا ما شاب سياسة حكومة العدالة والتنمية في العام الثالث من ولايتها. انسحبت السياسة التركية كليا تقريبا من العراق، وتوقفت الانتقادات الموجهة للإسرائيليين. وفي مطلع مايو/ أيار 2005 وصل أردوغان وبرفقته زوجته في زيارة لإسرائيل جذبت اهتماما عالميا بالغا. التقى أردوغان رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون وعرض علنا التوسط في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

لم يلق اقتراح الوساطة استجابة، وقد فسر أردوغان سعيه إلى تحسين العلاقات التركية– الإسرائيلية بالرغبة في فتح الطريق لمساعدة الفلسطينيين. ولكن الواضح أن زيارة الدولة العبرية، في وقت يتعرض فيه الفلسطينيون للبطش الإسرائيلي، كان تنازلا كبيرا من رئيس حكومة العدالة والتنمية. ولم ينته الأمر هنا، فبعد أسابيع من زيارة إسرائيل قامت حكومة أردوغان باستضافة أول لقاء رسمي بين الإسرائيليين والباكستانيين. وبدا كأن تركيا بدأت تلعب دور الوسيط فعلا، ليس بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل بين دول إسلامية وإسرائيل.

    "في تركيا اليوم محاولة لايجاد منطقة توازن بين الاسلام والعلمانية في تجربة تختلف في ظروفها عن تجربة مندريس في الخمسينيات التي انتهت نهاية دموية"

لم تأت هذه المتغيرات في السياسة الخارجية لحكومة أردوغان من فراغ. فقد شهدت الأشهر الأولى من 2005 قيام أوساط مرتبطة بالمؤسسة العسكرية بممارسة ضغوط وطرح إغراءات من أجل فك ارتباط العديد من نواب العدالة والتنمية عن حزبهم. وشهدت الفترة نفسها تزايد الضغوط الأميركية على الحكومة التركية فيما يتعلق بسياستها تجاه العراق وفلسطين. كما أن القرار الأوروبي بخصوص ترشح تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي كان قد اقترب.

وبالفعل، فقد أسهم التغيير في سياسة حكومة أردوغان الخارجية في تخفيف الضغوط الأميركية، وفي تهدئة الضغوط الداخلية، على الأقل إلى حين. وفي أكتوبر/ تشرين الأول، أعلن مؤتمر وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الموافقة على ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد، وانطلاق المفاوضات الطويلة المتعلقة بالعضوية. وبدا وكأن مشكلة الإسلاميين مع الدولة التركية ليست مشكلة داخلية دائما، بل ربما هي في جلها مشكلة خارجية.

وبعد ان هادنهم ما شاء وقدم لهم كل فروض الصداقة والالتزام بتعاهدات هذا الوطن العملاق عاد رجب وحزبه لتقديم تصور حقيقى لواقع تركيا واشواق العامة والغلبة من اهلها ومضى نحو ترسيخ الحياة الاسلامية والسمت الاسلامى للاتراك المختارين لهذا بحريتهم الشخصية المطلقة المعتدين بهويتهم الاسلامية المتحيزين لشرائعها وسننها وقوانينها فمضى ليقر الحجاب فى الجامعات الذى كان ممنوعا لعهود طويلة حتى فى الطرقات 

وعلى صعيد دولى واقليميى مضت تركيا بقيادة هؤلاء الفتية الصادقون نحو اثبات دورها الاقليمى الاسلامى الذى ظل سنوات وسنوات مغيب عن ساحة الصراع الشرق اوسطى
ولعل من اقوى مشاهد تركيا بقيادة رجب اوردغان وحزبه مشهد دافوس ، حيث أن عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية والذى من المفترض أنه من أول المعنيين بالقضية الفلسطينة ، والغاضبين للعدوان الصهيونى على غزّة أختار أن يواصل مشاركته للجلسة التى شارك فيها شيمون بيرز فى منتدى دافوس
 وترك رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا أن يغادر المؤتمر احتجاجا على التحيز الواضح من المنظمين ضد كلماته بعد أن فضح بيرز وجرائم كيانه الصهيونى .. غادر أردوغان ليثبت أنه رجل المسلمين القوي بما فعله في دافوس, و أصبح رجب طيب أردوغان كبيرا في عيون المسلميين وعيون كل العرب على السواء.
دعونا نقول انه لا أحد يمكنه التنبؤ بالمستقبل الذي تسير إليه تركيا. حتى أتاتورك نفسه لم يخطر على خياله أن الدولة التي بناها ستواجه الصعوبات التي أخذت في مواجهتها خلال عقدين فقط من وفاة مؤسسها. المحاولة الحالية لإيجاد منطقة توازن بين العلمانية المعادية للدين والإسلام ليست المحاولة الأولى. فقد انتهت التجربة التي خاضها عدنان مندريس نهاية دموية. ولكن تركيا اليوم تختلف كثيرا عن تركيا الخمسينيات. ليس فقط لأن التيار الإسلامي بات أكثر قوة وانتشارا، بل أيضا للعلاقة بالغة التعقيد بين تركيا وأوروبا. فقد أصبحت صلات الحب والكراهية التي تربط أوروبا الموحدة بتركيا، الآسيوية والأوروبية والعلمانية والإسلامية في الآن نفسه، ضمانة قوية لاستقرار الحكم المدني في أنقرة ولتقليم أظافر مؤسستها العسكرية.

ولا يمكن إغفال الحكمة والنزاهة والإحساس بالواجب الذي يميز قادة العدالة والتنمية. بل وربما أصبح من الممكن القول إن تركيا العدالة والتنمية قد تصالحت أخيراً مع نفسها. وليس هناك من شك في أن نجاح أو فشل تجربة العدالة والتنمية سيطرح سؤالاً أكبر حول ما إن كان المثال التركي صالحاً للاستعارة والتطبيق في مناطق أخرى من العالم الإسلامي.

ما قام به رجب واللذين معه  هو كسر سجون الأوهام الرمزية للعملانية المطلقة التى لم تقدم للشعب التركى الكثير ولا القليل و التى تحرر معها الواقع و نقل الذهنية من ذهنية الوضع القائم للوضع القادم ذا الأفق الرحب و خلخل الواقع بحزمة قوانين صادمة و لكنها ناقلة للذهنية من القوالب المعلبة الجامدة لرحابة و مرونة التطور الحضارى
فتركيا بها مسلمين بأيدلوجية دينية و الفضل يعود للأباء المؤسسين للحراك الاسلامى بعد سقوط الدولة الخلافية التى حكمت شرق اوربا والشرق الاوسط ووسط اسيا قرونا عدة ان يعود الان على الساحة جيل منهم يحكم بكل اريحية ويخطط للتطور نحوا قيادة العالم بنبل الخلق السياسى والاقتصادى والاجتماعى رفاه للمواطنين وتطور للدولة والوطن والاسهام كعضوا انسانى فى العالم الكبير ومضيه قدما بصورة انساينة لا مادية بحتة كالتى تقود العالم له قوى الشر التى تتحكم فعليا فى قيادات ما عرف بالقوى العظمى والثمانية العظام


تحية لتركيا تاريخا عريقا وشعبا مسلما فاعلا وقيادة رشيدة


Map of Turkey

تعليقات