هل الانقاذ ثورة ؟ لماذا "اشجان سودانية"

قد يجوز بالمنطق ان يقال عن الانقاذ ثورة ، لان ما سبق الحدث حسب ما يريد ان يسميه من يسميه انقلاب او ثورة عسكرية او او ، كان احداث جثام مرت بابانا الوطنى السودان 
 فعلى المستوى الشعبى كان هناك ما يطابق فى الوصف عصيان مدنى على كافة الانشطة ، فالمعلمين والاطباء وعمال سكة حديد وووووو من عديد النقابات كانوا فعليا مضربين ، والجيش كان قد تقدم بمذكرة لرئيس الوزراء وقتها صادق المهدى تحذر من تردى الاوضاع ، واسلوب المهدى فى ادارة الوزراة كان لا يتعدى تصفية الثارات بينه وبين نظام مايو-نميرى وتعويض آل المهدى ومن والاهم من المتضررين من مرافيد الصالح العام فى عهد نميرى  
اما على مستوى التنمية او التداول التجارى والامن والسلم الاجتماعيين ، فالسودان إبان سنوات وزارة الصادق المتعددة الائتلافات ، مر بما يعد اسوء حالات الفوضى والتردى على الاطلاق ، فلا وقود ولا كهرباء ولا سلع ولا خبز ولا زيت ولا امان حتى فى داخل الخرطوم ناهيك عن باقى الاقاليم ، ومرت كل عمليات تهريب كافة محاصيل الانتاج القومى ، ناهيك عن تحول مطار الخرطوم للوكر الاكبر  للترانزيت الدولى لكافة العمليات الغير مشروعة للاتجار والتهريب لكل شيئ ممنوع ومشبوه دوليا ، ابتداء بماس افريقيا الدموى الذى كان يجلب من ليبيريا والكونغو وقت حربهما الاهلية واليورانيوم الذى يتداوله امراء الحرب فى ربوع افريقيا لتمويل حروبهم ونزواتهم التى يسقطونها على الشعوب المغلوبة على امرها ، وتفشت السرقات والذبح فى الاحياء لاصحاب الدكاكين والادهى ان بعض الاناس اختطفوا وانتزعت عنهم كلاهم بل وقرنياتهم ، ونكاد نقول كلمة الصادق نفسها هلم جره قاصدين بها كل انواع الفشل
وحين تصاعد الامر كما سبق ان ذكرت الى حالتان متوازيتان اعلنا على مستوييان شعبى وحكومى ، اذ اعلنت حكومة الصادق التعبئة العامة ، واعلن الشعب العصيان المدنى ، وكان لابد ان ينتهى الصدام بنقلة ما ، وكان المخطط له غربيا ان ينتهى الصدام بدخول قرنق محررا للسودان على حسب زعمهم من حكم الجلابة ، وكانت الجبهة هناك ولم تكن الجبهة فى حقيقتها كيان دخيل على السودان كالشيوعى او البعث العربى او او او ، بل هى على العكس تأصيل للصحوة الاسلامية الصحيحة من منطلق العقيدة المشكلة لهوية 78 % من سكان هذا الوطن وقتها قبل افنصال الجنوب والمشكلة الان هوية لقرابة 97 % من سكانه بعد الانفصال ، وكانت اى الجبهة الاقرب الى الصواب والعصرنة للصحوة الاسلامية فى السودان المليئ بالفرق الاسلامية ، حتى ان الحزب الحاكم وقتها اى "الامة" ذو مرجعية طائفية ولكنه سياسيا ينتهج علمانية ليبرالية خارجيا اى على مستوى الانتخابات وتداول السلطات وعلمانية شمولية داخليا بما يعرف بحزب الرجل الواحد او الاسرة الواحدة وطائفية منحرفة عقائديا تقارب تأليه آل المهدى فى معتنق اتباعها 
ثم نعود للحدث وللمسار فى شقيه الاول والراهن ، ففى عشية يوم الخميس الموافق 29 يونيو 1989 كانت هناك دولة فاشلة بقيادة الصادق انعدام تام لكل شيئ تنمية امان سيادة طب علاج صفر عملاق يدق بعنف ارجاء الوطن واكتمل بفيضانات 88 التى اعقبها تدخل دولى دعى له نجم الديمقراطيات الاوحد فى ما عرف بشريان الحياة وتفاقم التدخل وتردت السيادة على اراضى الاقاليم المتضررة "دارفور بكليتها + جنوب كردفان" ناهيك عن كون جوبا وقتها محاصرة لمدة اربعة اشهر والجنوب كان قد سقط بنسبة 83 % فى ايدى الحركة الوهمية لتدمير عموم السودان بقيادة قرنق وقتها واضحت قوات الحركة على بعد 600 كم من الخرطوم "اقتحموا الكرمك" والصادق يلتفت لتسليح عشيرته الانصارية فى ربوع البلاد "دارفور+كردفان+الانقسنا+الجزيرة آبا" 
وكان لا مفر من نقطة وقوف ونقلة نوعية وقد كانت بثورة الانقاذ فى حقيقتها والتى تعتبر تحقيقا لاشواق شعبية استمرت شهران على الاقل قبل حدوث الانقلاب الثورى تمارس فعلايات المسيرات الاعتراضية لسياسات النظام وتتلقى القنابل المسيلة للدموع بل ورصاص وحراب الانصار فى بعض المناطق ، وكان الساحة  فى انتظار ان يصل احد فرسى الرهان المنتمى للاجندة الغربية جيش قرنق او المنتمى للاجندة الاسلامية ثورة الانقثاذ ، وقد كان ان نصر الله من كان على الحق وبهذا ينتفى الكذب عنها فى تسميتها ثورة الانقاذ الوطنى
وما تلى ذلك اصلاح وان مال الامر الى بعض التخبط ، ولكن الحسابات تنقل لنا كيد دولى منذ الشهر الرابع للأنقاذ مما دفع بها ان تعلن هويتها ، لانها كانت فعليا قد استبانت للجميع وبدأوا ان يكيدون لها باستمرارية نعرفها جميعا ضد هوية الوطن الغالبية على المستوى الشعبى وضدوحدته علىالمستوى الجغرافى برزائع اثنية وعقائدية وايدلوجية ، وعلى مدار عشر سنوات لم تكن هناك فوارق طبقية شاسعة كمثل ما هى الان ولم يكن هناك تربح بمعناه المتفاقم ،  بل كانت المحاسبة رادعة حتى لافراد التنظيم ، ثم رحل الزبير ولكن التماسك استدام ، ثم شب الخلاف بين القصر المنشية وحل محل كل من انحاز للمنشية سدنة مايو واتى نميرى وجوقته الماسونية وتخللوا النظام ، وبدأت رحلة الفساد والافساد تزيد تدريجا مصطدمة بالحرس القديم "شمس الدين وجوقته= شهداء عاشوراء" وانتهى النزاع بهذا الحادث الجثيم 
 ثم اندلعت المفسدة ولكن برغم ما نعرفه من فساد ، كان هناك حساب الورقة والقلم والذى يقول لنا ان ما جرى فى الأنقاذ من تنمية لم يجرى منذ الاستقلال بغض النظر عن كل الهتافات الاسطورية ووين خط هثروووووووو ووين ما عارف شنووووووو وهذه الجعجعة البلهاء نحن نلمس الواقع منذ نهايات نميرى والسفلتة كانت قد توقفت تقريبا كليا منذ عام 1982 وكانت ما قبل ذلك محض تجديدات لطرق الاستعمار نفسه ، وفى خلال فترات الديمقراطية المتعاقبة لم يكن هناك اى مسار تنموى الا فى فترة وجيزة ائتلف فيها الامة مع الأتحاد  الديمقراطى ، وحاول الشريف حسين الهندى ان ينمى مشروع الجزيرة ، ولم يكن ليظهر هذا الخلل فى التمية ابان ذلك التاريخ ، لان هناك حدث جوهرى لم يكن قد جرى وهو "مواسم الجفاف والتصحر" والتى كشفت حقيقة المعضلة وانتفاء التنمية وتجمد الرقع الزراعية والانتاجية والخدمية والبنى التحتية ككل على حد ثابت لما كان فى عهد الاستعمار وورثته النخب الديمقراطية الكولونية محدودة الابداع 
 وما نراه الان ان هناك تصنيع بدرجة ما اقترب من الصناعات الثقيلة وهناك تمدد فى التعدين وهناك معالجات تتوالى تترا لمشروعات البلاد الزراعية وهناك شئنا ام ابينا وفرة فى كل شيئ وسوق حر ، قد يتجلى فيه جشع رأسماليينا الوطنين ، وينادى البعض بان يكون هناك رقابة مباشرة من الدولة على الاسواق واسعار السلع وجودتها ، ولكن لنسأل اليست هذه هى آليات الحرية واسواقها فلما تنكرونها وتنادون بمحاسبة الدولة على جشع الناس كرأسماليين وخنوع الاخرين من المستهلكين منهم والذين يكسرون المقاطعة للسلع الغالية الاسعار ، لماذا لا تنحون باللوم على هؤلاء مثلا ؟ ، لماذا لا ننحى باللوم على الاطباء الذين تلقوا علومهم هنا مجانيا ، بل وابتعثوا فى ازمنة مختلفة حتى الان على نفقة الدولة لاتمام دراساتهم التجهيزية لتشكيلهم كأطباء للخارج وبعد ما وصلوا لهذه المراتب العلمية فتحوا عياداتهم باغلى الاسعار للمواطنين المضطرين 
 وهنا علينا ان ننتبه لامر جلل ان هناك مع فساد الانقاذ فى طورها الثالث المتزايد فساد سابق له على المستوى الشعبى بكافة معطياته الاجتماعية والتجارية والوظيفية والتداولية فى الاعمال الحرفية والتعليمية والخ الخ الخ من معطيات المجتمعات  الحياتية ككل ، والطبيعى ان منكم يولى عليكم ، وكل المقارنات البحثية تفيد بصحة وتطابق هذا الحديث النبوى على مستوياته الفقهية ، فمثلا عندما اعترف كلينتون بانه خان زوجته مع متدربه فى البيت الابيض ، كانت الغالبية من المواطنين الامريكان يخفون عن زوجاتهم و ازواجهم علاقاتهم الجانبية بزملائهم فى العمل ومرؤسيهم وحتى خدم بيوتهم ، وهكذا دواليك ، واعذرونى انى استفضت فى الحديث عن الامر ذلك فقط لانى اراه جلل وارى ان واجبات الاصلاح علينا ان نشكل جزء رئيس فيها
ونسأل الله السلامة لابانا الوطنى السودان الحبيب
محبتى

تعليقات