أحكام التحريق بالنار

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :

فإن الإسلام دين الرحمة ، ولذلك نهى عن التعذيب بالنار ، ولكن ورد في بعض النصوص التحريق في بعض الحالات فهل يجوز ذلك بقصد العقوبة وكف الشر ، وما أقوال العلماء في هذه المسائل مع الأدلة هذا هو محل البحث .

التمهيد

لقد أمر الشرع عند قتل من يستحق ذلك بإحسان القِتلة ، فعن شداد بن أوس –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله عليه وسلم-: إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة  ونهى عن التعذيب بالنار ، وقد اختلف العلماء في فعل ذلك (أي : التحريق) بمن فعله ، أو كان من الأعداء ، أو ارتكب جرما كبيرا كما سيأتي  ، ويشتمل هذا البحث على  مبحث  تحريق الكفار والبغاة المقاتلين في الجهاد .



-------------------------------------------


المسألة الأولى : تحريق الأعداء في الجهاد

أقوال العلماء : قال العلماء : لا يجوز تحريق الأعداء بعد القدرة عليهم ، قال ابن قدامة : (أما العدو إذا قدر عليه فلا يجوز تحريقه بالنار بغير خلاف نعلمه) ، وأما قبل ذلك وفي أثناء المعركة فقد اختلفوا في التحريق على أقوال :

1- قال الحنفية والظاهرية بالجواز ، وبه قال سفيان الثوري، وأجازه من الصحابة علي ، وخالد بن الوليد ، وغيرهما .

3- قال الجمهور  : يجوز للحاجة أو إذا كان أنكى للعدو التمثيل والتحريق ، قال ابن قدامة : ( فأما حرقهم قبل أخذهم بالنار فإن أمكن أخذهم بدونها لم يجز رميهم بها ، لأنهم في معنى المقدور عليه ، وأما عند العجز عنهم بغيرها فجائز في قول أكثر أهل العلم) ثم ذكر قول عبد الله بن قيس  : لم يزل أمر الناس على هذا . وقال بعضهم : إن ابتدأ العدو بذلك جاز وإلا فلا  ، واختار ابن تيمية جواز التمثيل بالكفار على وجه القصاص .

3- وكره التحريق عمر وابن عباس وغيرهما مطلقًا ، سواء كان ذلك بسبب كفر أو في حال مقاتلة أو كان قصاصاً  ، ويروى عن مالك  .


----

أدلة المجوزين  ومناقشتها:

1- قوله تعالى {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} ولم يستثن قتلا من قتل .

ونوقش بأن هذا العموم مخصوص بحديث أبي هريرة في النهي عن التعذيب بالنار .

2- حديث العرنيين ، وهو صحيح أخرجه الأئمة ، وفي رواية عند مسلم عن أنس أنه قال : (إنما سمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أعين العرنيين ، لأنهم سملوا أعين الرعاء) .فالكفار المحاربين من باب أولى .


 مناقشتها :

نوقش بأن قصة العرنيين كانت قصاصا أو منسوخة بالحدود وآية المحاربة .

3- قياسا على الرمي بالمنجنيق .

أدلة من قال بالتفصيل :

1- قول الله تعالى : (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عُوقبتم به) .

2- وهي تدل على الجواز  عند الحاجة فى اثناء القتال لا بعد القدرة على الكفار او الاعداء ايا كانوا.


----

أدلة المحرمين ومناقشتها :

1- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال " بعثنا رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- في بعث فقال: إن وجدتم فلانًا وفلانًا لرجلين فأحرقوهما بالنار ، ثم قال حين أردنا الخروج : إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا ، وإن النار لا يعذب بها إلا اللّه ، فإن وجدتموهما فاقتلوهما" ، وهو خبر بمعنى النهي .


مناقشتها :

 هذا النهي ليس لتحريم وليس على سبيل التواضع ، للأدلة السابقة على الجواز ، أوفعل الصحابة ، وقيل : النهي عن المثلة نهي التنزيه .

2- أن النبي r نهى عن المثلة ، ففي حديث بريدة : لا تمثلوا ، وفي حديث عمران بن حصين : كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يحدثنا على الصدقة ، وينهانا عن المثلة 


----

والخلاصة أن ذلك غير جائز ، إلا إذا كان هناك مصلحة أو نكاية بالعدو ، أو معاملة بالمثل اثناء المعارك 

والراجح جواز فعل ذلك بهم إن لم يقدر عليهم بغيره فى خضم المعركة ، اما ما بعدها وبعد الانتصار فالايات واضحة "اما من واما فداء"


والله من وراء القصد  

تعليقات