الكنز احيانا صديق

الصديق الذى اعزه خلال السنوات الاربع الاخيرة اكثر من اى احد اخر صديق كان بالنسبة لى محض معرفة سطحية
ولكن فى يوم اكتشفت اننى امام النبل كاملا
هذا الفتى الذى يصغرنى بعشر سنوات شاب ناجح
كان من رواد النادى الذى يجمعنا الى الان برغم اقلاله من الحضور اليه منذ سنتان ويزيد
وفى يوم لقياى له كان فى حالة بائسة على غير العادة فتبادلت معه الحديث
على حسب انى اراه فى مشهد لم اعتاد عليه منه
وعرفت هناك حقائق لم اكن لاعرفها سنين وسنين

هذا الفتى خطب زميلته فى الدراسة منذ بداية اجتماعهما فى الجامعة
ولما تخرجا عملا سويا وقررا يمضيا نحو اجراءات الزواج
واثناء هذا توعكت الفتاة ومضت الى الفحوصات لتكتشف انها لديها سرطان فى المرحلة الرابعة
اى انها امامها فى الحياة ما لايزيد عن اربعة اشهر بحد اقصى
هذا الفتى لم يغير من برنامجه شيئا اصر على استكمال تأثيث البيت
وان لم تعش فيه يوم واحدا

اصر على ان لا يسترجع شيئا من المهر والشبكة
ويوم وجدته حزينا كن همه وتخوفه الحقيقى وبصدق ان تتوفى قبل ان يبنى بها
توفت زوجته لاحقا بعد خمس اشهر من زواجهما وبنائه بها
اى بعد ثمانية اشهر من معرفتهما انها قد اصيبت بالسرطان
فى المعى من الدرجة الرابعة

زيارة المقابر صارت ديدن لقائى مع هذا الصديق
الذى لم يعد يحضر الى نوادينا وانهمك فى عمله فقط ودراسات تلو دراسات
لازلت اذكر اول يوم عرفت فيه الحكاية
لازلت اتذكر يوم وفاتها وثباته فى المقابر ودموع تنهار من جانب وجهه الايسر من طرف عينه المغمضة
لازلت اذكر وفاة اناس كثر فى حياتى وفى حياة الاخرية وتأثرى وتأثرهم

ويظل الموت محطة مهولة ومروعة حينما نرى من احببناهم واعتدناهم ينزلون من الرحلة فيها
ويتركوننا نتسائل هل قدمنا لهم ما يستحقون ؟ هل امضينا معهم الوقت الكافى ؟
هل تعلمنا منهم كل ما كان يجب علينا ان نتعلمه منهم ؟
هل احببناهم كما ينبغى؟
اذكرهم جميعا واذكره

واتنبه اننى
وجدت يومها انسان احب كما ينبغى فهو "كنز"

تعليقات