حدث وحديث

الحدث :
---------

روى البخاري في كتاب "أفعال العباد" وابن أبي حاتم في كتاب السنة وغير واحد ممن صنف في كتب السنة:-

( أن خالد بن عبدالله القسري خطب الناس في عيد أضحى فقال: أيها الناس ضحوا يقبل الله ضحاياكم فاني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد بن درهم علوا كبيرا ثم نزل فذبحه في أصل المنبر!! ) ...وجاء في بعض الروايات زيادة إيضاح تصور عملية القتل،حيث أن خالد القسري قد أوثق الجعد كتافا؛قبل أن يصعد المنبر ويخطب في الناس خطبته تلك؛ ثم ربطه في أصل المنبر،وانه لما ذبحه كان مقيدا؛ثم تركه ملقيا تحت المنبر!! ...

والحديث .. -------------

 أن(إسلام النص) يحرم القتل في الأشهر الحرم يقول الخالق سبحانه (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم،ذلك الدين القيم)و يجرم القتل بمجرد الخلاف في الدين والرأي والتأويل(لا إكراه في الدين ...فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)و يضفي على بعض الأوقات والأزمنة والأمكنة شيئا من الحرمة والهيبة ؛فللإنسان حرمة،وللمسجد حرمة....وليوم العيد حرمة ؛أوليس هذا اليوم هو الذي كرم فيه الانسان بفدائه من النحر (إبراهيم –اسماعيل)؟!!....

وهنا نقف لنرى باعيننا ان التاريخ به اختلاف عن التشريع والقرن الاول فى اوله كان الهدى وقول الرسول صلوات الله عليه وسلامه وبركاته فى ان نتبع سننه وسنن خلفائه الراشدين الهاديين المهديين من بعده نجعلنا نجعل من تلك المرحلة مرجعية المسار الاسلامى فى تنظيم حياة البشرية

عن ذاك الحدث المقرن

في غمار هذه الهالة والتبجيل ينسى البعض أو يتناسى في عملية التوظيف السياسي للخطاب الديني أنها تقوم على مراعاة مصلحة السلطان دونما سواه فيتم القتل  الاستهدافى او الاغتيال السياسى الذى قد يحدث كنتيجة للتوظيف السياسى للدين او ما يعرف ب(السياسديني)على كافة المستويات(الملّية،والمذهبية
الفرقية)

فهذا خالد القسري –بعد انتهاء صالحيته السياسية-قد جرد من ماله وسلطانه وقتل على يد خليفته الذي فعل ما فعل من أجل تثبيت ملكه
فقد جاء في المدونة التاريخية أن خالد القسري بعد قتله للجعد بوقت قصير حبس وصودرت أمواله
ثم قتل،بأمر من الخليفة الأموي الوليد بن يزيد بن عبدالملك،الذي دفعه إلى واليه على العراق يوسف بن عمر،والذي أخذه إلى الكوفة وقتله هناك،وهي ذات المدينة التي قتل فيها الجعد !! ....

ويحكي ابن خلدون في تاريخه تفاصيل قتل خالد فيقول:فدفعه إلى يوسف فألبسه عباءة وحمله على غير وطاء وعذبه عذاباً شديداً وهو لا يكلمه.ثم حمله إلى الكوفة فاشتد في عذابـه ثـم قتلـه ودفنـه فـي عبـاءة ،ويقـال إنـه قتله بشيء وضعه على وجهه،وقيل وضع على رجليه الأعواد وقام عليها الرجال حتى تكسرت قدماه !! ...

هكذا كانت نهاية خالد(صاحب الشكر والثناء من السلف!!)الذي رضى بالتوظيف الديني لصالح السلطان

وللعلم فإن خالد القسري هو الذي قبض على المعارض النشط العالم سعيد ابن جبير حينما كان حاكما على مكة،وهو الذي أرسله إلى الحجاج فقتله الحجاج قتلة سياسية !! 

ثم نعود لنستهدى بالمسار النبوى
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد أن يبعث سرية، دعاهم فأجلسهم بين يديه، ثم يقول:
سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله… لا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا صبياً، ولا امرأة، ولا تقلعوا شجراً، إلا أن تضطروا إليها، وأيما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى رجل من المشركين، فهو جار حتى يسمع كلام الله، فإن تبعكم فأخوكم في الدين، وان أبى فأبلغوه مأمنه، واستعينوا بالله عليه)
هذا امر الرسول فى الحرب دفاعا عن تمكين الحق وبقائه وانتشاره فى حرية
لذالك كانت حروبه لا للبطش ولا للتنكيل فقد كان الحق هناك و على الضفة الاخرى انظمة البطش والاستعباد والاستبداد تحول بين الناس والوصول للحق وتسخرهم كعبيد واتباع لملوك وقياصرة واكاسرة واباطرة يعتبروا فى انفسهم ظل الله على الارض بل اعتُبرالبعض الهة
بينما كان الاسلام دين الشورى والراى والراى الاخر
الذى كان فيه الصديق ثانى الاثنين فها هو ذا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه ومن والاه يقف ليعلن عن منهجه، فبعد أن حمد الله وأثنى عليه، قال: "أيها الناس، إنى قد وليت عليكم ولستُ بخيركم، فإن أحسنت فأعينونى، وإن أسأت فقومونى (ردونى عن الإساءة)، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوى عندى حتى آخذ له حقه، والقوى ضعيف عندى حتى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالى، لا يدع أحد منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة فى قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعونى ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله"
لا اكثار ولا استكبار انما حكمة بالغة وفصل الخطاب فى ما قل ودل وكان قانون وحكمة بالغة 
ونقف مع عمر من قال على المنبر : أيها الناس ما تفعلون وماذا تصنعون إذا ملت برأسي إلى الدنيا هكذا.. وأمال رأسه ..فلم يرد أحد ، فأعادها عليهم .. ثم أعادها الثالثة ، ولم ينطق أحد ..فقام أحد الناس وقال له : إن ملت برأسك إلى الدنيا هكذا قلنا لك بسيوفنا هكذا ..فقال عمر : ماذا تقول .. أإياي تعني .. أعدها عليَّ ..فقال الرجل : أقول لك .. إن ملت برأسك ياعمر إلى الدنيا هكذا قلنا لك بسيوفنا هكذا ..فقال عمر : الحمد لله الذي جعل من أمة محمد من يُقَوِّم عمر بسيفه إذا اعوج عمر ..
تلك كانت دولتنا الحلم الذى تحقق دولة المدينة لا طوباوية ولا افلاطونية انما حقيقة كانت ولازالت فى نهج المصلحين ملموسة ومحسوسة ومرأية انه نهج الصالحين دولة مدنية يكتنفها شرع الاله
وهنا لنا وقفة فى توضيح ذالك بحقوق المواطنة وامثلتها يرى عمر رجلاً عجوزاً يشحذ في الشارع فينظر إليه ويقول له :لما تتسول يا رجل ..يرد الرجل : أنا يهودي وأحاول أن أحصل على المال حتى أدفع الجزية..فيرد عليه عمر : أخذناها منك وأنت شاب ثم نرغمك على التسول وأنت شيخ .. لا والله .. والله لنعطين لك المال من بيت مال المسلمين ويقول : ردوا إليه ما دفعه من قبل ..ويأمر عمر من الآن في كل الولايات الإسلامية الخاضعة للمسلمين إن كان هناك فقير أو ضعيف أو امرأة أو طفل من اليهود أو النصارى فليُصرف له من بيت مال المسلمين نفقة يعيش به ...
ها هو حق المواطنة يتجلى ويمضى بين الحقوق والواجبات فى ظل تحكيم الشرع الحنيف لا شريعة الغاب وحكم الارهاب وشرائع الاضلال والتدليس والمكر والكيد الخبيث التى تحيط بعالمنا الان 
كان ذاك نهج المسلمين حين اتبعوا ابتغاء محبة الاله فاحبهم الله وسدد خطاهم ونعم العالم بسلام وتبلورت الحضارة الاقل فتكا والاقل سفكا للدماء ولا سمعنا فى ذاك العصر باهرامات الجماجم التى تفاخر بها مؤرخوا الامبراطوريات القديمة والحديثة ولا بانهار تنحال للون الدماء او تعبر على انقاض العلم والحضارات بل كانت مسيرة رحمة وفتح لنشر الحق بين الانام واتباعه فى التقاضى والاحكام عدل من العدل السلام 

لكم تحياتى اغلى الاصدقاء جعلنا الله ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه وهدانا سبل السلام

محبتى

تعليقات