قل الريس محيى الدين بيرى ولا تقل بيرى لويس



لا نعلم بالدقة تاريخ مولدالريس محيى الدين بيرى، ولنفترض أنه ولد ما بين عامي 1465 و 1470م. ولد بيري في مدينة غاليبولي الواقعة في شبه جزيرة غاليبولي على بحر مرمرة، والتي كانت تستخدم كقاعدة بحرية في ذلك الوقت. 
اسم بيري هو محي الدين بيري، ووالده هو حاجي محمد، وعمه أمير البحر المشهور آنئذ  الريس كمال. 
يقول المؤرخ العثماني ابن كمال عن الأولاد الذي تربوا في مدينة غاليبولي: »إن أبناء غاليبولي أمضوا حياتهم في البحر كالتماسيح،وكانت أسرّتهم القوارب، وهدهدتهم البحر والسفن ليلاً ونهاراً.«
كان هذا الولد التركي، أيضاً، ينام وصوت أمواج البحر في أذنيه. لقد عاش بيري سبع سنوات من حياته في مدينته الأم، وقد تلقى بيري تعليمه الأولي عن العالم في البيت وممن حوله كبقية أبناء الأتراك في ذلك الوقت، وكذلك التعليم الابتدائي الذي ناله. وعقب بلوغه الثانية عشرة من عمره التحق بطاقم عمه الريس كمال 
 لم يعد ذلك الشاب التركي بعد ذلك مجهولاً غير معروف، بل أصبح ذلك المراقب ذا اهتمام مرهف، وبطل البحار الذي سيذكر اسمه التاريخ.

بدأ بيري عمله تحت إشراف عمه كمال. وقد اشترك في كل أنواع العمليات البحرية على هذا النحو لفترة 14 سنة دون انقطاع، ويمكننا متابعة سيرة حياته في هذه الفترة من خلال كتابه »البحرية«الذي سطر فيه تجاربه والأماكن التي زارها مع عمه والأحداث التاريخية في ذلك الوقت بأسلوب خصب وجميل.
أمضى الريس كمال  السنوات الأربع عشرة الأولى من حياته البحرية قرصاناً، كما اقتضت العادات في ذلك الوقت. وعندما أصبح كمال قوة ذات اعتبار في البحر، من خلال جهوده الشخصية، حظي على اعتراف ومكانة رسمية من الحكومة العثمانية ولطاقمه القيم صاحب الخبرة.
هناك عدة مصادر تشير إلى أن بيري كان مع كمال قبل عام 1494م. في الوقت الذي كان فيه مسلمو غرناطة يطلبون العون من الحكومات التونسية والمصرية والعثمانية، وذلك في عام 1494م، كان الريس كمال  يعيش حياة القرصنة وكان يستخدم سفنه لنقل هؤلاء المسلمين إلى إفريقية. وفي خلال الفترة ما بين 1487 إلى 1493م شارك بيري في عمليات متعددة في هذه البحار تحت إشراف عمه كمال.



يدلي بيري بمعلومات عجيبة ومثيرة تسترعي الانتباه عن الساحل الغربي للبحر الأبيض المتوسط وجزره. ويردف قائلا عن جزيرة مينورقة إحدى جزر البليار فيقول: »يطلق الناس على ذلك الميناء اسم بورتولانو Portolano، فيه مرفئ جيد. ولدى مغادرة المرفأ باتجاه الشمال على الساحل الشرقي [للجزيرة] تجد عينا طبيعية تنبع من تحت شجرة تين، وستقابل بالتأكيد على مشارف العين سفناً عربياً أو تركية لأنها تتزود بالماء من هنا. وعلى مسافة من هذه العين توجد قلعة..« (كتاب البحرية: ص532).
حارب الريس كمال  وطاقمه البحري خلال فترة ست سنوات القراصنة المتواجدين حول العديد من جزر وسواحل البحر المتوسط الذين كانوا يستولون على السفن، وكان هؤلاء يقضون الشتاء في مرافئهم المفضلة إذا كان الطقس سيئا.
            قضى كمال فترة طويلة على طول الساحل الأفريقي في الجزائر وتونس وبونة، [6]وكوّن علاقات حميمة مع السكان هناك حيث كانوا يستقبلونه بحرارة (البحرية، المقدمة) خلال قضائه شهور الشتاء في ميناء بونة (1490-1491م)وقد شارك البحارة في معركة خاضوها بقيادة كمال  ضد صقلية وسردينيا وكورسيكا.
            ذكر بيري إحدى هذه المعارك فقال: ».. هناك بعض الأماكن الضحلة على طول شاطئ رزرينوResereno المذكور آنفاً؛ وتيرانوفا Terranova عبارة عن حصن في أرض منخفضة. ومعنى تيرانوفا في صقلية هي: البلدة الحديثة. و الجانب من هذه البلدة عبارة عن شاطئ، وهو منتجع جيد في الصيف، والسفن ترسو فيه على بعد ثلاثة إلى أربعة أميال من الشاطئ تجاه الحصن.استولينا في المرسى المذكور على ثلاث سفن هذه المرة«. (البحرية ص 493)، وهكذا كان كل حادث يسجل بتاريخه الصحيح.
            أما بالنسبة لجزيرة كورسيكا فإن بيري قد كتب فصلاً عنها في (البحرية ص 523-529) وأضاف إليه خريطة عن الجزيرة وشروحات مفصلة موضحة أن محيط الجزيرة يبلغ 400 ميل. قال بيري: » في هذه الجزيرة جبال شاهقة تتجه من الشمال إلى الجنوب. وقد بلغ عدد القمم التي عددناها 25 قمة من هذه الجبال حتى الآن وذلك في الجهة الشرقية منها. و تبدو هذه القمم وكأنها أسنان المنشار. وكل قمة منها مغطاة بالثلوج طوال السنة.« (البحرية ص 524).
            وقال عن السكان: »إن جزيرة كورسيكا المذكورة آنفاً كانت تحت حماية الجنوبيين، إلا أنه عندما احتل الفرنسيون جنوة أصبحت كورسيكا – مع بلاد أخرى – ضمن الممتلكات الفرنسية.«
            في الوقت الذي يتحدث عنه بيري كان السلطان بايزيد الثاني بن محمد الثاني الفاتح سلطانَ العثمانيين، وبعد موت أخيه جني عام 1495م أضحى حاكماً للبلاد دون منافس.
            وكي يكون الغزو أوسع كان بايزيد يحاول أن يدعم قوتيه البرية والبحرية، ولذا جعل رايته وحدات مختلفة من سفن القراصنة العثمانيين. لقد دعا بايزيد كمال ليشارك في الأسطول الرسمي، وكذلك فعل مع بيري  وقره حسن ليساعداه. كان كل هؤلاء ذوي خبرة وتدريب و معرفة جيدة بالبحار. وقد شارك بيري  مع قوات كهذه في عمليات البحر المتوسط وتحت إشراف عمه كمال
            جرت باكورة أعمال بيري بالنسبة للعمليات البحرية ما بين عامي 1499 و1500م، وكان كمال رئيساً لأركان البحرية لأسطول التابعية الأميرية العليا للقوات البحرية كلها. وقد منح بيري الإمارة الرسمية على بعض السفن في هذا الأسطول، و كانت خدمته في المعارك ضد البنادقة واضحة وذلك ما بين عامي 1500 و 1502م.
            إن الفوائد التي جنتها الدولة العثمانية من معاهدة البندقية عام 1502م تحققت إثر الأعمال البطولية لهؤلاء البحارة.
بقي بيري بعد ذلك يعمل أمير بحر في الأسطول، و بعد موت عمه كمال في معركة بحرية فقد بيري سنده الكبير. ولأسباب غير معروفة لنا، لم يكن بيري مشاركاً في تلك المعركة. ولا ريب إن حزن بيري كان شديدا لموت عمه، فالخبرة والمعرفة اللتان نالهما  بيري من خبرة عمه المتنامية خلال حياته في البحر قد ضمنتا له الشهرة والمكانة. وبعد موت عمه ترك بيري البحر وبدأ يعمل على أول خارطة للعالم وذلك في غاليبولي، والجزء الذي بأيدينا هو من تلك الخارطة. وسجل بيري في هذه الخارطة ملاحظاته عن كتابه البحرية والذي أصبح فيما بعد دليلاً للملاحة.
            خلال فترة 1516-1517م كلف بيري بقيادة عدة سفن كان لها دور في الحملة ضد (المماليك) في مصر. وتحت إمارة جعفر بيك انطلق الأسطول إلى الإسكندرية، وأبحر بيري بجزء من هذا الأسطول إلى القاهرة عن طريق نهر النيل ورسم بعد ذلك خارطة عن هذه المنطقة، وسجل معلومات مفصلة عنها.
            وبعد أن ضمت الدولة العثمانية المتوسعة مصر إليها سنحت الفرصة لبيري ليتعرف شخصياً على السلطان سليم الثاني (ياووز) وذلك أثناء معركة الإسكندرية، وقد عرض الخريطة التي رسمها من قبل على السلطان. وبعد الحملة المصرية وخلال فتره استجمامه في غاليبولي وضع بيري ملاحظاته عن الملاحة ضمن كتاب.
            كان حكم سليمان القانوني، الذي تربع على العرش سنة 1520م، عبارة عن تاريخ لانتصارات متتابعة، وكان يعتبر اشتراك بيري في الحملة على جزيرة رودس مع الأسطول العثماني أمراً طبيعياً. وفي كتابه البحرية (ص 549-552) يذكر بيري قرار السلطان سليمان له ليعمل مستشاراً لبرغال إبراهيم باشا الصدر الأعظم.
            بعد الحملة على مصر علم إبراهيم باشا عن أهمية كتاب البحرية، فشجع بيري أن يضع ملاحظاته على شكل كتاب وينسخه ثانية. وقد ذكر بيري هذا الموضوع في نهاية الكتاب. وبسبب عاصفة بحرية لم يستطيعوا أن يتابعوا طريقهم واضطروا أن يلتجئوا إلى رودس، وكانت هذه فرصة بالنسبة لبيري للتعرف أكثر على إبراهيم باشا.
            وبتشجيع من الباشا إبراهيم، كما ذكرنا، أعاد بيري ترتيب كتابه ونسخه ثم قدمه للسلطان بمساعدة إبراهيم باشا. وكان تاريخ الكتاب عام 923هـ.
            ذكر بيري مقدمة كتابه ذكر بيري حسن استقبال السلطان له، وفيما بعد رسم بيري خارطة أخرى للسلطان وقدمها له.
            نستطيع من خلال كتابه أن نتعرف على حياته إلى عام 1526م، وما بعد هذا التاريخ يتبين من الوثائق الرسمية للدولة أنه قد عين أميراً للسفن في البحار الجنوبية.
            قدم بيري خدمات عديدة للدولة العثمانية في المحيط الهندي والبحر الأحمر وبحر العرب، وقد تقدمت به السن وهو مازال يعمل بالسفن. ومع أن بيري كان لا محال من رحيله من الدنيا، فإنه ترك خلفه عملاً خالداً وخدمات لا تنسى لعالم الحضارة.
            وبهذا تنتهي ترجمة حياة بيري رئيس. إن معظم ما ذكرنا مأخوذ من مذكراته الشخصية عن تجاربه في الملاحة. وقد كان بيري من أعظم علماء عصره في الملاحة. فبالإضافة إلى لغته التركية كان يتحدث لغات عدة مثل اليونانية والإيطالية والإسبانية وحتى البرتغالية، وكان يرجع إلى الأعمال التي دونت بتلك اللغات لرسم خريطته للعالم.
مات بيري عام 1554م عن عمر يناهز 84 عاماً.
خارطة أمريكا وتعليقات بيري عليها
   رسم بيري رئيس خريطة العالم عام 1513م بما فيها القارة الأمريكية المكتشفة في وقته، ولكن للأسف الشديد لم يبق من تلك الخريطة سوى الجزء الذي يحوي المحيط الأطلسي وطرفيه الشرقي والغربي. لكن هذا الجزء المتبقى من الخريطة أثار ضجة بين العلماء، فقد ذكر بيري معلومات لم يذكرها أحد ممن زار تلك المناطق الجديدة في ذلك الوقت.
            وقد ترجمتُ هنا (عن الإنجليزية) ما قد كتبه بيري على طرف خريطة أمريكا الجنوبية وقد أشرت إلى النص على الخريطة وحصرته في مربع أحمر، مع العلم أن النص العثماني غير متوفر لدي الآن. وما كان بين معقوفتين فهو من وضعي زيادة للتوضيح.
            ونتمنى من بعض العلماء العرب المتخصصين في تاريخ الاكتشافات الحديثة أن يكتبوا عن حياة وتجربة وأعمال هذا الرجل العظيم الذي خدم دينه وأمته وقدم للحضارة العالمية تراثاً خالداً.



يقول بيري  رحمه الله:
(هذه الفقرة تتحدث عن كيقية اكتشاف هذه السواحل والجزر.
هذه السواحل تسمى سواحل الآنتيل (آنتيليا)، وقد اكتشفت في سنة 896 هـ. وقصتها على النحو التالي:
كان هناك رجل جنوي يدعى كولومبو هو الذي اكتشف هذه الأماكن. وقد وقع كتاب في يد هذا المدعو كولومبو مذكور فيه أن في نهاية البحر الغربي [الأطلسي] يعني في الناحية الغربية منه، يوجد سواحل وجزر فيها كل أنواع المعادن والأحجار الكريمة.
وكولومبو هذا كان قد درس هذا الكتاب بدقة، وقد حدث الكبار من أهل جنوة بهذه الأمور قائلاً لهم:»تعالوا، أعطوني سفينتين ودعوني أذهب لأجد هذه الأماكن.« فقالوا: »يا للرجل الخاسر! وهل توجد نهاية للبحر الغربي؟ فبخاره كله ظلمات.« وأيقن كولومبو أنه لن تأتيه أية مساعدة من هؤلاء الجنويين.
بعدها انطلق كولومبو مسرعاً إلى ملك إسبانيا وأخبره قصته بالتفصيل، ولكن هؤلاء [الإسبان] أيضاً أخبروه مثل خبر الجنويين. وباختصار فقد ألح كولومبو على هؤلاء [الإسبان] كثيراً، فأعطاه ملك إسبانيا سفينتين مجهزتين بشكل جيد، وقال له: »يا كولومبو، إذا كان الأمر كما تدعي  فسنجعلك أميراً لتلك البلاد.«
            وكان للغازي كمال عبد إسباني وقد ذكر مرة لكمال رئيس أنه ذهب مع كولومبو إلى تلك البلاد ثلاث مرات. وقال له: »وصلنا أولاً إلى جبل طارق، ومن هناك أبحرنا جنوباً وغرباً ما بين [.. هنا يوجد كلام غير مفهوم في المخطوطة..] وبعد إبحارنا مسافة 4000 ميل رأينا جزيرة أمامنا، ولكن تدريجياً أصبحت أمواج البحر بلا زبد، يعني أن البحر أصبح هادئاً، وحتى نجم القطب الشمالي بقي يقرأ بوصلات البحارة حتى اختفى شيئاً فشيئاً ثم أصبح لا يرى.« وذكر أيضاً: »إن شكل ترتيب الجوم في تلك المناطق يختلف عما هو عليه هنا، ويبدو أنها منسقة بشكل مختلف.« [ويستأنف قائلاً]:»إنهم أرفؤا في الجزيرة التي رأوها من قبل خلال الطريق. وقد جاءهم سكان الجزيرة ورموهم بالنبال ولم يسمحوا لهم بالإرساء وطلبوا منهم معلومات. لقد رماهم بالنبال كلا الجنسين الرجال والنساء، وكانت رؤوس هذه النبال مصنوعة من عظام الأسماك. وكل هؤلاء السكان كانوا يخرجون عراة و [.. كلام غير مفهوم في الأصل..] جداً أيضاً. وبالتالي لم يستطع [كولومبو وأصحابه] أن ينزلوا إلى تلك الجزيرة، ولكن عبروا إلى الجهة الثانية منها، ولقد رأوا زورقاً، وفي الحال هرب ذلك الزورق وتفرق من كان فيه على اليابسة.
            أخذ الإسبان الزورق فوجدوا فيه لحم بشر، وقد ظهر أن هؤلاء الناس كانوا من الأمة التي تذهب من جزيرة إلى أخرى تصطاد البشر وتأكلهم. ويقول [العبد الإسباني] أيضاً أن كولومبو رأى بعدُ جزيرة أخرى، فاقتربوا منها، وذكروا أنهم رأوا فيها أفاعٍ ضخمة. وقد أعرضوا عن النزول إلى تلك الجزيرة وبقوا هناك [في سفنهم] لمدة 17 يوماً. وعندما رأى أهل الجزيرة أنهم لا يأتيهم أذى من ذلك القارب [قارب كولومبو] اصطادوا سمكة وأحضروها لهم. لقد شعر الإسبان بالسرور وأعطوا هؤلاء القوم خرزات من زجاج. [يقول بيري]: ويبدو أن كولومبو قد قرأ في الكتاب أن الخرز الزجاجي ذو قيمة في هذه المنطقة. وذات يوم رأى كولومبو وأصحابه ذهباً يحلق معصم امرأة [من أهل الجزيرة] فأخذوا [منها] الذهب وأعطوها الخرز، وطلبوا منهم أن يأتوا بمزيد من الذهب وسوف يأتوهم بمزيد من الخزر. فذهب القوم وأحضروا مزيداً من الذهب. يبدو أن في جبالهم مناجم ذهب. وفي يوم آخر رآى [كولومبو ورجاله] لؤلؤاً في أيدي رجل، فأعطوه خرزاً وسألوهم أن يأتوا بمزيد من اللؤلؤ. يوجد اللؤلؤ على شواطئ هذه الجزيرة في موقع على عمق قامة أو قامتين.
            [وفي طريق عودته] حمل كولومبو في تلك السنة على متن سفينته إلى ملك إسبانيا اثنين من السكان الأصليين مع كثير من جذوع الشجر.
            وبما أن كولومبو لا يعرف لغة هؤلاء القوم فقد كان يتكلم معهم بالإشارة.  وبعد هذه الرحلة الأولى أرسل ملك إسبانيا إلى [أهل الجزيرة المكتشفة] شعيراً وقسيسين علّموا أهل هذه الناحية كيف يزرعون ويحصدون وحولوهم إلى دينهم [الكاثوليكي]. لم يكن [لهؤلاء القوم] أي دين من أي نوع. كانوا يمشون عراة، ويبيتون هنا كالدواب.
            والآن أصبحت هذه الأماكن مفتوحة ومشهورة للجميع، وإن أسماء الأماكن هنا التي تعرف بها في تلك الجزيرة هي الأسماء التي أطلقها عليها كولومبو

خارطة الريس محيى الدين بيرى:




تعليقات