أبرز المكاسب الرئيسية لـ (عاصفة الحزم)



 يبدو أن جماعة الحوثيين لم يجدوا أمامهم سوى الاستسلام أمام الهجوم المتواصل لقوات التحالف المناهضة للإنقلاب على الشرعية في اليمن، فقرروا ومعهم قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، أن يرضخوا لقرار مجلس الأمن رقم 2216  بوقف "عاصفة الحزم" التي أكملت هذا اليوم عاماً كاملاً. وبعد هذا العام، تحقق العاصفة مكاسب كثيرة، أبرزها 3 مكاسب رئيسية.

  اللحظة التاريخية عندما وجه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، ببدء عملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن يوم 26 مارس، عند الساعة 12 ليلاً بتوقيت الرياض. وأعلنت قيادة العاصفة أن أجواء اليمن منطقة محظورة. ويشارك في العملية 10 دول، من بينها دول الخليج. ورحبت السعودية بمشاركة المجتمع الدولي في العملية التي حققت أهدافها بعد دقائق من انطلاقها.

 سبق العاصفة بأيام قليلة اجتماع الملك سلمان بن عبدالعزيز مع القيادات الخليجية في قصر العوجا في الدرعية قرب الرياض، كما سبق العاصفة توجيه المملكة إنذارها الأخير، الذي أطلقه وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس المخلوع، الذي كان يسعى إلى تبوؤ مقعد الرئاسة، وعندما لم يبال بن صالح بالإنذار، وظن أنه تهديد شفوي فقط، انطلقت شرارة "عاصفة الحزم في منتصف الليل، لتزلزل الأرض تحت أقدام الحوثيين. وأصرت القوات العربية على إخضاع جماعة الحوثيين وقوات صالح على التراجع عن الانقلاب الذي قاموا به ضد الرئيسي اليمني المنتخب عبد ربه منصور هادي، واستيلائهم على العاصمة صنعاء، كما سيطروا على مطار عدن، إضافة لبسط سيطرتها على عدد من المنشآت الحيوية . ووجهت الميليشيات ضربات جوية للقصر الرئاسي في عدن، بعد مغادرة هادي للقصر إلى "مكان آمن في عدن".

  ومع التقدم المستمر والانتصارات المتوالية الداعمة للشرعية لجأت الميليشات للقبول بالقرار الأممي بعدما لاحت الهزيمة بشكل محسوم وهو ما رأه المحللون  لهم كطوق نجاة، بعد أن أُنهكت قواهم طيلة عام كامل.

 المؤكد أن قوات التحالف بقيادة السعودية نجحت في فرض حصار قوي على مليشيا الحوثيين، وقطعت عنهم العون الإيراني الذي كان يصلهم جواً وبحراً وبراً بشكل متخف، الأمر الذي ساهم إلى حد كبير في إضعاف الحوثيين، وجعلهم لا يقدرون على مواصلة التصدي لهجمات التحالف العربي، وخلال العام الماضي، تلقى الحوثيون دعماً كبيراً من إيران تارة، ومن حزب الله، اللذين رأوا أن الحوثيين ينفذون المخططات الإيرانية في المنطقة كما ينبغي، عن طريق إثارة الفوضى والعمل على المد الشيعي في المنطقة، والانقلاب على الشرعية لإضعاف الأمة العربية السنية.

  واستهدفت "عاصفة الحزم" مواقع الحوثيين، وقوات حليفهم المخلوع علي عبد الله صالح، ونجحت في إحداث تغير نوعي في إستراتيجية دول الخليج، لجهة التحول من سياسة احتواء النفوذ الإيراني في المنطقة إلى سياسة الحسم والمواجهة، متجاوزة بذلك مرحلة الانكفاء السياسي والإستراتيجي إلى محاولة إنشاء منظومة إقليمية تفرض إيقاعها على مجريات الأمور وسياق الأحداث المتلاحقة.

  وأعلنت دول التحالف انتهاء عملية "عاصفة الحزم" وبدء عمليات "إعادة الأمل" بما يشمل ذلك من عمليات الإغاثة والدعم للمقاومة الشعبية، مع إمكانية استمرارية الأعمال العسكرية "وفق أطر مختلفة، ضد أي تهديد من الحوثيين سواء من الداخل أو الخارج".

 عودة إلى موافقة الحوثيين على القرار كما جاءت  على لسان الرئيس اليمني، عبدربه منصور، الذي قال إن مليشيا الحوثي المتمردة قبلت تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2216، وأشار، خلال اجتماع استثنائي عقده أمس في الرياض، مع سفراء الدول الـ 18، الراعية لعملية عاصفة الحزم إلى أن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، أبلغه قبول المتمردين الحوثيين تنفيذ القرار.  بعد ذلك، كما اعلن زعيم المتمردين الحوثيين عن وقف الحرب. وقال الحوثي في تسجيل صوتي منسوب له، اعلن فيه قبول القرار. وشدد على ان مبادرته ازاء السعودية "فرصة حقيقية للسلام"، مبينا انها "تأتي سعيا منه لحقن الدماء، وفي مقدمتها دماء المدنيين باعتبارهم المتضرر الأكبر من الحرب".
 
   نقطة أخرى لا تخفى أهمية دلالتها  هي تبني مجلس الأمن الدولي لمشروع القرار الذي قدمته دول مجلس التعاون الخليجي بشأن اليمن، ليؤكد صوابية هذه الإستراتيجية وقدرتها على تحقيق إنجازات سياسية في زمن قياسي، بعد أن أظهرت "عاصفة الحزم" قيمة الحضور العربي، وما يمتلكه هذا الحضور من قوى كامنة، تعيد بها رسم التوازنات الإقليمية في مواجهة التفرد الإيراني واستثماره في أخطاء السياسة الأمريكية في المنطقة وفرض سلطة أتباعه بقوة العنف والترهيب.

 وللعاصفة الكثير من المكاسب السياسية، أهمها ثلاثة مكاسب رئيسية، وهي أن العاصفة أعادت شيئا من التوازن في المعادلات السياسية والإستراتيجية في المنطقة، إلى جانب نجاح العاصفة في إحداث الخلل والتأثير المباشر على المشروع الإيراني المتجدد، الطامح إلى إحلال "نظام إقليمي جديد"، وكانت إيران تأمل في الانتهاء من بسط نفوذها مع إنجاز الاتفاق النهائي حول ملفها النووي مع الغرب. ومن أبرز المكاسب أيضاً أنها ستعيد للحكومة اليمنية الشرعية حقوقها وسلطتها كممثل شرعي سعيا نحو عودة السلام لهذا البلد المهم.

تعليقات