صادق خان، المرشح المسلم الأول لعمدة لندن


من هو صادق خان، المرشح المسلم الأول لعمدة لندن؟



الخميس 5 مايو، هو الموعد المقرر لانتخاب عمدة مدينة لندن الجديد، خلفاً للعمدة الحالي بوريس جونسون. هذه المرة، تبدو الانتخابات مختلفة عن غيرها من الانتخابات، إذ تواجه مدينة لندن تحدياً جديداً في اختيارها للعمدة المنتظر، مع احتمال أن تسجل المدينة لحظة مهمة في تاريخها، بوصول أول عمدة مسلم إلى الحكم فيها. صادق خان، النائب من الأصول الباكستانية في مجلس العموم البريطاني، ووزير النقل، هو المرشح البريطاني المسلم الأول لمنصب العمدة، فمن يكون صادق خان، وما أثر الجدل والاتهامات والمواجهات بينه وبين أعدائه؟
يمثل خان حزب العمل البريطاني، وقد تولى قيادة الحملة الانتخابية لحزب العمل منذ عام 2015، في مواجهة مع نده، الممثل لحزب المحافظين البريطاني، زاك جولدسميث، الذي يقود حملة شعواء ضد خان ترتكز وتحديداً ضد أصوله المسلمة. لكن الحدث الأخير الذي أثار جدلاً كبيراً في أرجاء المملكة المتحدة كلها، كان في جلسة الاستجواب الأخيرة التي عقدها البرلمان البريطاني مع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وهي جلسة دورية يعقدها البرلمان البريطاني لاستجواب رئيس الحكومة عن أحوال الدولة لمدة نصف ساعة. عبّر كاميرون، الذي ينتمي هو الآخر إلى حزب المحافظين، خلال الجلسة عن "قلقه" حيال خان، جاهداً في تصوير علاقة الأخير بالمتطرفين الإسلاميين تبعاً لخلفيته المسلمة، إلا أن واحداً من حزب العمل في أعضاء المجلس قاطعه صارخاً: "عنصري"  في وجه رئيس الوزراء، فتبعته مجموعة من الأعضاء الآخرين، مما شل حركة كاميرون للحظات،  وزاد البلبلة والاضطراب في المجلس، وفي الشارع اللندني تالياً.
أقوال جاهزة
شارك غردبين المسلم واليهودي، البريطانيون ينتخبون عمدة لندن يوم الخميس. نظرة على مسيرة صادق خان
شارك غردالرهان كبير على فوز صادق خان بمنصب عمدة لندن، متقدماً على منافسه المحافظ زاك جولدسميث

من هو صادق خان؟

عندما ولد صادق خان عام 1970 في ضاحية Tooting جنوب لندن، كان طفلاً لأسرة مهاجرة بسيطة من باكستان، يعمل والده، معيلها، سائق باص. ذهب صادق إلى مدرسة حكومية، وحظي بمقعد متكافئ مع باقي طلاب المدينة في الجامعة الحكومية، ثم تخرج محامياً، وعمل في مجال الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، حتى أصبح مديراً ومالكاً لشركة محاماة  صغيرة، مؤلفة من خمسين موظفاً. بعد ذلك دخل صادق خان العالم السياسي من أوسع أبوابه، فانتخب نائباً في مجلس العموم البريطاني، أي ما يقابل البرلمان، عام 2005، وفي عام 2008، كان المسلم الثاني فقط الذي يدخل تشكيلة الحكومة البريطانية، كوزير نقل.
في محاولته للتعريف عن نفسه، بأقرب طريقة ممكنة إلى قلوب الناس، يكتب خان على موقعه الخاص بانتخابات مجلس المدينة المنتظر، أنه رجل عادي، من أسرة بسيطة، كان يعمل في مجال حقوق الإنسان لمدة طويلة، ولا يقضي وقته كله في العمل السياسي، بل يحب الرياضة وتمضية الوقت مع العائلة. يريد خان، على حد قوله، أن يعيد لندن إلى سابق عهدها، كما يعرفها هو: مدينة فيها فرص متكافئة لجميع الموهوبين والعاملين بجدية، فقد أتاحت له لندن أن يعيش في عائلة مكتفية رغم بساطتها،  كما أتاحت له الفرصة ليذهب وإخوته جميعهم إلى الجامعة، دون أن يخرجوا مثقلين بالديون، ولأسرته أن تشتري بيتاً بالتقسيط. كما يحب ويقدّر التناغم والتعايش بين الناس في لندن من دون النظر إلى خلفياتهم الثقافية أو الدينية أو الاثنية، كل هذا يدفعه إلى المضي قدماً في تلك الانتخابات، لأنه يريد أن يرى لندن كما يعرفها قبل أن تذهب في اتجاه أسوأ مما هي عليه الآن.

خان VS التطرف

تستند الاتهامات التي يحاول حزب المحافظين ومرشحهم جولدسميث، إلصاقها بالمرشح المسلم، إلى بعض قضايا الدفاع التي تولّاها في مجال عمله في حقوق الإنسان، عن بعض المتطرفين في قضايا مختلفة، إلا أن المحللين السياسيين المناصرين لحزب العمال، يردون على تلك الاتهامات باعتبارها سخيفة، فإذا دافع محام عن سارق، فهل يعني أن المحامي سارق بدوره؟
أما صادق خان، في مقابلة خاصة مع جريدة الشرق الأوسط، فيشير إلى أنه قد حارب التطرف مدى حياته، وله تاريخ طويل في الحرب ضد المتطرفين، ليس فقط الإسلاميين، وأنه سيكمل في تلك المسيرة إذا ما صار عمدة لندن الجديد. وتعهد أنه سيعمل على محاربة الإرهاب، وحماية مدينته من الخطر المحتمل، خصوصاً بعد هجمات باريس وبروكسيل، فقد تتعرض لندن لهجمات مشابهة، وسيقوم بذلك من خلال مراجعة جميع سجلات الاتصالات، وربط عمل المواصلات بسلك الاتصالات، كما سيعمل على إغلاق جميع المواقع الإرهابية، أو التي تحمل رسائل إرهابية غير مباشرة. يقول "من المهم الانتباه إلى أنه أصبح من الممكن اجتذاب الأفكار المتطرفة في المنازل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ودعونا ننظر إلى المثال الخاص بالفتيات اللندنيات الثلاث اللواتي تركن منازلهن وفررن إلى سوريا العام الماضي، لقد جرى التأثير عليهن من داخل غرف نومهن".
أما في ما يتعلق بسكان بريطانيا من المسلمين، فيقترح خان إعادة الضخ الحكومي المالي للمدارس والكليات التي تعلم الإنكليزية، إذ كانت الحكومة قد قلصت الأموال المنفقة على ذلك الأمر.، فلا يمكن انتقاد المهاجرين الذين لا يتكلمون الإنكليزية، إذا لم يتم دعمهم لتعلمها أصلاً. يرى خان أن المسلمين قادرون على الانخراط في المجتمع البريطاني وهذا أمر رئيسي، وسيساعد الشرق أوسطيين والعرب بشكل عام، على الاندماج على نحو أكبر في مدينة لندن.
وفق خطته الانتخابية، سيسعى خان إذا ما فاز بالانتخابات إلى إبقاء بريطانيا عضواً في الاتحاد الأوروبي، لئلا تخسر مشاريعها الكبيرة المدعومة من أوروبا، فتكون لندن مدينة استثمارية ضخمة ومهمة كما يعهدها العالم. كذلك سيسعى جاهداً لتبني الحكومة البريطانية لثلاثة آلاف لاجئ سوري من الأطفال غير المصحوبين مع ذويهم في أوروبا.

في السياسة الداخلية

تظهر استطلاعات الرأي، وفق تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء، أن خان يتفوق على منافسه جولدسميث بفارق 20% من أصوات الناس حتى اليوم، إلا أنه يؤكد أن تفوقه الجماهيري لا يعني فوزه الحتمي في الانتخابات، ويدعو أهل لندن ممن يريدون له النجاح أن يذهبوا إلى الانتخابات ويصوتوا له، لأن المعركة معركة صوت واحد أو أصوات قليلة، معتبراً أن الحملة التي يشنها جولدسميث ضدّه مصيرها الفشل، فهو يثق أن أهل لندن ليسوا عنصريين أو مقيّمين للناس على أساس انتماءاتهم.
يعتبر خان أن برنامجه الداخلي في تخفيض أسعار الإسكان والبيوت في لندن، وهي أزمة تعاني منها المدينة بقسوة في الأعوام الأخيرة، وخطته في مجال تطوير وسائل النقل لتجاري العصر الجديد، وفي مجال البيئة ودعم الأعمال الداخلية، والحد من انتشار الجريمة، هذه العناصر كلها كافية ومناسبة لينتخبه أبناء المدينة من دون النظر إلى خلفيته المسلمة، بل على العكس، ليكون: "المسلم الذي يحارب التطرف".

تعليقات