قيصر الامبراطورية الناعمة الدموية





بعد 22 عاماً على رحيله: من هو بابلو اسكوبار؟ وكيف يتذكره العالم؟

PABLO ESCOBAR
  • ولد في 1 ديسمبر 1949 في مدينة أنتيوكيا، كولومبيا لأب مزارع وأم مُدرِّسة.
  • بدأت أنشطته الإجرامية بسن مبكرة وذلك بسرقة شواهد القبور وإعادة بيعهم في باناما.
  • اشترك في أعمال إجرامية عديدة مثل السرقة والرشوة والاختطاف.
  • كان أهم أهدافه أن يكون مليونيرا بسن 22 عام.
  • في عام 1989 صنفته مجلة فوربس العالمية ضمن أغنى 10 أشخاص بالعالم.
  • بدأ في تجارة المخدرات مع أخيه روبرتو في بداية السبعينيات، حيث كانا يقومان بتهريب الكوكايين إلى باناما.
  • شهد عملهم طفرة بالأرباح عندما بدأ الأخوان اسكوبار بتهريب الكواكيين إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
  • كانت لأسكوبار آلية محددة مع من يقف في وجهه، وهي plata o plomo وتعني “الفضة أو الرصاص”، حيث يسعى في البداية إلى الرشوة كوسيلة لتسيير أموره، فإن لم تنجح أمر بقتل الشخص المعني، هو وأفراد أسرته أحيانا.
  • صعوده إلى قمة عالم الإجرام والمخدرات أودى بحياة ثلاثة مرشحين للرئاسة الكولومبية، والنائب العام ووزير العدل، وأكثر من 200 قاض، وعشرات الصحفيين وأكثر من 1000 شرطي.
  • برع بابلو اسكوبار باستخدام أرباحه من تهريب المخدرات في رعاية الكثير من المشاريع الخيرية ونوادي كرة القدم التي أكسبته قدرا من الشعبية والمكانة السياسية، فقد كان موقنا أن محبة عامة الناس ستجعله أكثر أمانا.
f657000000000000
  • مع ازدياد ثروته وسطوته في كولومبيا، ووصول سيرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، قامت الأخيرة بدورها بالضغط على كولومبيا لترحيله إلى الولايات المتحدة. وفي ذات الوقت، أدت وحشيته في قتل كل من يعاديه أو يقف في طريقه إلى انخفاض شعبيته وانقلاب الرأي العام ضده.
  • في 1991 توصلت الحكومة الكولومبية وفريق اسكوبار القانوني إلى حل وسط، وهو أن يقوم اسكوبار بتسليم نفسه وقضاء عقوبة سجن مدتها خمس سنوات، على أن يقوم هو ببناء سجنه الخاص به ولا يتم تسليمه إلى الولايات المتحدة أو أي دولة آخرى.
4757000000000000
  • احتوى سجن اسكوبار الخاص والمسمى La Catedral (الكاتدرائية) على جاكوزي، و شلال، وبار كامل وملعب لكرة القدم. وبالإضافة إلى ذلك، فقد نجح اسكوبار بالتفاوض على حقه في اختيار الحراس المسؤولين عنه في السجن. مما أتاح له حرية إدارة إمبراطوريته من داخل السجن عن طريق الهاتف.
  • ازدادت سطوته حتى وهو في السجن، وفي عام 1992 أقدم على تعذيب وإعدام بعض من اعتبرهم خائنين في سجنه الخاص، وهو ما أغضب الحكومة الكولومبية التي قررت تحويله إلى سجن عمومي.
  • وصلت لأسكوبار انباء عما تنوي الحكومة القيام به، فقرر الفرار خوفا من قتله أو ترحيله إلى الولايات المتحدة.
7657000000000000
  • تم تشكيل فرق شرطة كولومبية خاصة بتدريب أمريكي لملاحقة اسكوبار المتواري عن الأنظار، وبالمقابل تشكلت مجموعة من أعداء اسكوبار المجرمين وأهالي ضحاياه أيضا للبحث عنه والسعي لقتله.
  • قتل اسكوبار برصاص أفراد من وحدة شرطة خاصة في 2 ديسمبر 1993.
  • بعد يوم من وفاته، زار ضريحه ما يقارب العشرين ألف شخص ليتأكدوا من موت الرجل الذي أرهبهم لعشرين عاما أو يزيد.
  • تتضارب الرؤى حول اسكوبار وذكراه، حيث يعتبره البعض مجرما سفاحا كتب صفحة سوداء في تاريخ كولومبيا الحديث وساهم في تشويه البلد وقتل العديد من أبنائه الخيرين، بينما يراه يعض الفقراء كابن مدينتهم الذي لم ينسهم عندما تكونت ونمت ثروته، حيث حرص على رعايتهم وتقديم ما عجزت الحكومة عن تقديمه لهم.
  • يرى العالم بابلو اسكوبار كرمز مثير نال لقب ملك الكوكايين بامتياز.
c757000000000000

ارتبط اسم بابلو اسكوبار طوال سنوات بالعنف والكوكايين، فبعد أن صنع ثورة في تجارة المخدرات، تحول إلى ملك الكوكا في كولومبيا. سيطر اسكوبار على إمبراطورية المخدرات عبر التهديد والرعب، ولكنه أطعم الفقراء في بلاده أيضا، ومنحهم مساكن ومدارس ومستشفيات. ولد بابلو اسكوبار في كولومبيا وقد عرف بقدرته على استغلال التعطش الأمريكي لاستهلاك الكوكايين. عبر أسلوبه الشهير بقتل كل من يقف في طريقه، تمكن اسكوبار من تحويل صناعة الكوكايين في كولومبيا إلى مصدر عادات بقيمة مليارات الدولارات. إلى جانب شركائه في عصابات ميين، أقام شبكة لتوزيع المخدرات صنعت إمبراطورية كوكايين لم يسبق لها مثيل. نجح اسكوبار في إدخال عشرات الآلاف من أطنان البودرة السامة إلى الولايات المتحدة ومنها إلى أوروبا، ما جعله يستحق لقب عراب الكوكايين.[1] وليم غيت يقول عنه :
كان اسكوبار صاحب تكتيك لامع يتبع استراتيجية حماية عملياته في كولومبيا، لتطوير عمليات التهريب إلى الولايات المتحدة، ما مكنه من إدخال كميات من المخدرات أكثر من أي مهرب آخر في تلك الفترة.
عمل وليام غيت طوال واحد وعشرون عاما في الجمارك الأمريكية كعميل خاص. أوكلت له في تلك الفترة بعض التحقيقات في قضايا التهريب وتبييض الأموال. بما في ذلك جانب من عمليات إمبراطورية بابلو اسكوبار للكوكايين.
وليم غيت يقول عنه :
"كان بابلوا اسكوبار زعيم للمافيا، هو مهرب لا يعرف الرحمة، ربما قتل عدد أكبر من الناس بالمقارنة مع أي مهرب آخر في تاريخ كولومبيا. أي أنه قاتل لا يرحم. وقد تحالف مع مجموعات إرهابية، وضعت المتفجرات في الطائرات المدنية إنه مجرم جماعي. لم يكن بابلو اسكوبار مجرد مهرب عادي، بل سيبقى في تاريخ كولومبيا لأكثر من مائة عام"
ولد بابلو إميليو اسكوبار غابيديا في الأول من كانون أول ديسمبر من عام تسعة وأربعين، في منطقة أنتيوكيا الريفية التي تقع إلى الجنوب الشرقي من مديين، في فترة العنف الكولومبية. كان الابن الثالث للمزارع أبيل دي هيسوس وزوجته هيرمينا المدرسة الابتدائية. بعد عامين من ولادته انتقلت العائلة إلى مديين بعد عدة قرى حيث عملت هيرمينا في المدارس.
وليم غيت يقول عنه :
"كان فلاح منذ الولادة، يعشق الأرياف ويعتبر نفسه مجرد شخص من الذين عاشوا في أنتيوكيا، تلك المنطقة من كولومبيا التي تمتاز بثقافة فريدة، وهذا واحد من الأسباب التي جعلت بابلو اسكوبار يرفض مغادرة كولومبيا، للفرار إلى بلد آخر مثل البرازيل أو ما شابه ذلك، وذلك لارتباطه الوثيق بتلك المنطقة، وتلك المشاعر العميقة بالانتماء والوفاء، لأنتيوكيا "

احترافه لتجارة الكوكايين

نشأ اسكوبار على تعاليم الكنيسة الكاثوليكية وقيمها، بعد سنوات من التنقل عبر كولومبيا استقرت العائلة أخيرا في إنفيغادو خارج ميديين كان كاثوليكي وبقي على هذا الحال طوال حياته، ولكن تدينه كان شكلي، لا أكثر مع أنه كان مخلص لعائلته في عدة أشكال.
يحترف بروس فاغلي بروفيسورا للدراسات العالمية في جامعة ميامي وفي كولد غيبيل فلوريدا. وقد عاش في كولومبيا بين الحين والآخر منذ عام ثمانية وستين، وهو خبير في شؤون اسكوبار ورعب المخدرات. البروفيسور وليم بروس: بنى كنائس في كولومبيا بكل ما يملكه من أموال، وتبرع إلى الكنيسة في مديين، دون أن يرى قفي ذلك تناقضا مع قتل الناس، والقيام بدور زعيم متوحش لعصابات إجرامية نمت بين أواسط السبعينات والثمانينات.
أحب اسكوبار كرة القدم منذ الطفولة واستمر على هوايته طوال حياته. البروفيسور وليم برروس: هواية كرة القدم لديه جعلته يستثمر الأموال في تعزيز الكرة الكولومبية، وقد استثمر تحديدا في فرق مديين بالتحديد، وقام بشراء كل المواهب التي استطاع العثور عليها في أمريكا اللاتينية. وفي أواسط الثمانينات، نجح اسكوبار والعصابات الأخرى في مديين، في جعل الكرة الكولومبية على مستوى المنافسة العالمية.
ثم بدأ يستاء من وجوده في المدرسة. كان اسكوبار طموح جدا، يجمع المال اللازم لشراء بطاقات النوادي الاجتماعية في كولومبيا. بدأ في الفترة يميل إلى احتراف السرقة، فسرق أعمدة القبور ليعيد بيعها في مناطق أخرى. البروفيسور وليم بروس: كان طفل لامع بلا شك، والحقيقة أن العديد من الموظفين الرسميين والوزراء في كولومبيا قد أعربوا منذ البداية أن حوارهم معه قد أثبت ذكائه الشديد فعلا. لم يذهب اسكوبار إلى المدارس جديا، ولكنه تخرج من الثانوية، كما يؤكد البعض أنه كان طالب مجتهد.
في أواسط الستينات بدأ العنف ينتشر في بلدة إسكوبار إنبيغادو، حيث انتشرت عصابات تعمل في تجارة المخدرات. أخذ في سن المراهقة يرتبط بلص يسرق السيارات يسكن في حي من مديين يعرف بلقب خيسوس دي ناصارينو. مع نهاية الستينات أصبح اسكوبار خبيرة بسرقة السيارات، وتهريبها يعتمد على عصابة خاصة. البروفيسور وليم بروس: كان كل من عرفه في سن الشباب علق مطولا على سرعة بديهته، وقدرته على استيعاب المعلومات، وربط الأشياء معا بطريقة غابت عن الكثيرين. هذا بعض من مواهبه، في العثور على بدائل وحلول، فتحت له أبوابا واسعة في مجال تهريب المخدرات.
دفعته رغباته في الثراء إلى زيادة نشاطاته الإجرامية حتى بلغ القتل بالإيجار. تميز صعود اسكوبار في أطر الجريمة عبر العنف الشديد. كان شاب طموح ولكن الأهم من ذلك هو أنه كان فذا، يعرف ماذا يريد، ولا يسمح لأحد بأن يقف في طريقه. بأقل من عشرة أعوام تحول اسكوبار من لص صغير إلى مجرم دموي يقتل بالأجرة. أودع السجن لحمل وثائق مزيفة. كانت هذه أول فرصة للتعرف على قسوة السجون والمحامين الذين يدافعون عنه. وقد تحولوا لاحقا إلى عماد في عصابته. حبه للمال والسيارات السريعة دفعه إلى الاشتراك مع قريبه غوستافو غابيديا إلى تهريب أول كمية من الكوكايين في سيارة مستأجرة. البروفيسور وليم بروس: عندما كان بابلو اسكوبار في العشرينات من عمره، كان يستمتع بسرقة السيارات أو الدراجات أو ما شابه ذلك، حتى تنبه إلى أنه يستطيع جمع مبالغ أكبر عبر تجارة المخدرات.
وهكذا انطلق بابلو اسكوبار من بدايته المتواضعة ليتحول إلى أهم وأغنى زعيم لتهريب المخدرات في العالم. مع بداية السبعينات أصبح الكوكايين خيار المخدرات لأصحاب الأناقة والشهر والثراء، إلى جانب أنه يدفع إلى الإدمان. مع انفجار استعماله في الولايات المتحدة، تولى اسكوبار وعصابات مديين مهمة تلبية الإقبال الكبير عليه. بدأ ظهور بابلو اسكوبار على الساحة الدولية من خلال رحلة جوية انطلقت من كولومبيا إلى الولايات المتحدة. بلغ ثمن كيلو الكوكايين في الولايات المتحدة أواسط السبعينات خمسة وثلاثون ألف دولار. أي أن الطائرة الصغيرة تستطيع حمل مليارات الدولارات. البروفيسور وليم بروس: كان أول إبداع في تهريب المخدرات لعصابات مديين عبر تحميل الكوكايين في صناديق يقذفونها في عرض البحر بالقرب من شواطئ جنوب فلوريدا لتتولى اليخوت السياحية نقلها إلى الأراضي الأمريكية. كانت هذه الوسيلة من أهم ما توصلت إليه عصابات مديين.
بعد رحلة اسكوبار الأولى عطل طائرة صغيرة ووضعها فوق مدخل مزرعة له ليرى الجميع بأنه يهرب الكوكايين. في نهاية السبعينات، وبعد قيامه بعدة رحلات جوية فقط، تحول بابلو اسكوبار إلى مليونير. عام تسعة وسبعين دخل الكوكايين إلى عصر جديد من العنف لم يسبق له مثيل. حين دخل بابلو اسكوبار بشراكة مع كارلوس ليدير، الذي اشتهر بأنه أكبر ملوك المخدرات. ليدير هو ابن مهندس ألماني نما وترعرع في كولومبيا، وقد تمكن من إقناع بابلو بأن يبدأ تهريب كميات أكبر من الكوكايين بطائرات أكبر، تتمتع بخزانات وقود أوسع وأجهزة التقاط الرادارات ووسائل اتصال بالقاعدة. لتفادي الأجواء الأمريكية اعتمد اسكوبار وغيره من المهربين على باهاماس كمحطة ينقلون إليها شحنات الكوكايين أولا قبل تهريبها إلى الولايات المتحدة. وليم غيت: كان إدخال الكوكايين إلى البلد يتم بكميات كبيرة. في جنوب فلوريدا مثلا، كانت الطائرات الخاصة والتجارية تحمل أطنان الكوكايين إلى شبه الجزيرة يوميا. أضف إلى ذلك أن الجادات الكبرى في بهاماس كانت تستخدم للنزول من قبل عصابات مديين على وجه الخصوص.
أثناء زيارة قاموا بها إلى باهاماس التقوا بروبرت فاسكو، الذي بدأ حياته في صناعة المعدات الآلية، ثم تنبه كأحد المجرمين العالميين إلى ضرورة إجراء تغيير على تبييض الأموال وشحن الكوكايين. أصبح شحن كميات كبيرة من الكوكايين بعد ذلك أمر في غاية الخطورة. وليم غيت: كانت الشحنات تأتي عبر المحيط إلى بهاماس في طائرات خاصة يحمل كل منها من خمسمائة إلى ألف كيلو غرام، تصل يوميا. اشترى المهربون جزر بكاملها، أقاموا عليها قاعدة جوية ينقلون إليها المخدرات من كولومبيا مباشرة.
تم شراء جزيرة نورمانز كي في باهاماس من قبل اسكوبار وليدير لتتحول إلى ما يشبه القواعد العسكرية المجهزة بوسائل اتصالات معقدة، للملاحة الجوية. مع بداية الثمانينات أصبح بابلو اسكوبار في مجال الكوكايين أشهر من بيل غيتس في مجال الكمبيوتر، إذ بلغ دخله اليومي نصف مليون دولار، ولكنه يواجه منافسة جادة من قبل الأشقاء أوتشوا وزعيم المافيا خوسي رودريغيز غالشار. البروفيسور وليم بروس: كان خوسي رودريغيز غالشار عبقري في اكتشاف طرق التهريب إلى الولايات المتحدة. أما أوتشوا فكان يبدع في تبييض المال، أما بابلو اسكوبار فكان يدير المنظمة، وقد ركز بين يديه الطرقات، التي طورت لحمل الكوكايين عبر المطارات، إلى الولايات المتحدة أولا عبر الكاريبي، وتحديدا جنوب فلوريدا، حيث كان هناك طرق متعددة.
عمل اسكوبار وليدر والأشقاء أوتشوا معا وتقاسموا الأرباح الناجمة عن تجارة الكوكايين. راميرو: ما جعله يختلف عن أي مجموعة أخرى هو كفاءته العالية في تنظيم العصابات.
أمضى العميل الخاص راميرو إسكوديرو اثني عشر عاما يحقق في تهريب المخدرات وتبييض الأموال في دائرة الإف بي أي التابعة لكليفورنيا. راميرو: تستهلك أمريكا أكبر كمية من المخدرات في العالم، وقد تمكن بابلو اسكوبار من استغلال هذه الحقيقة والاستفادة من تلك الأسواق. أعتقد أننا قبل عصابات مديين كنا نواجه مجموعات صغيرة، أما بابلو اسكوبار فقد تمكن إلى جانب عصابات مديين من الاستيلاء على أسواق الكوكايين، حتى سيطر على كل شيء بدءا من الإنتاج حتى الشحن والتوزيع. وليم غيت: تحول إلى ملك الكوكايين مع أنه داخل بلاده، كان يعلوه زعيما، يسمى خوسي رودريغيز كاشو، ولكن كما هو الحال في أي صناعة إذا كان لديك شخص يجني لك أرباحا أكثر من غيره، سيكون المفضل عندك. البروفيسور وليم بروس: الإبداع الآخر لعصابات مدين هو ما يتعلق بتنويع المخاطر. إذا راجعنا أداء هذه العصابات في أواسط السبعينات سنرى بأنها بدل أن ترسل شحنة واحدة لدخول الولايات المتحدة والتعرض لخاطر مصادرتها كاملة، يشارك كل من الخمسة الكبار بخمس الشحنة، أي أنهم سيعملون معا على إدخال الشحنات جميعها، أما إذا صودرت أي من هذه الشحنات سيخسر كل منهم خمس الشحنة المصادرة فقط.
أخذت عصابات مديين تزداد قوة مع دخول المزيد من الشحنات إلى جنوب فلوريدا. مع بداية الثمانينات نشبت في ميامي حرب دموية بين العصابات الجديدة والمافيا الكوبية التي تسيطر على تجارة الكوكايين في ميامي منذ الخمسينات. البروفيسور وليم بروس: بين عامي تسعة وسبعين وثمانين، نشب ما يعرف بحرب الكوكايين هنا في جنوب فلوريدا، انتهت بتبادل إطلاق النار على جميع الصعد، وقتل أكثر من مائة وخمسة عشر شخصا. وليم غيت: رغم المؤشرات التي تؤكد بأن الكوكايين أصبح تجارة مزدهرة في الولايات المتحدة، لم تتعامل الحكومة والسلطات القضائية معها، حتى تحول جنوب فلوريدا إلى ساحة حرب. رونالد ريغان: أريدكم أن تنصتوا إلى نانسي ونائب الرئيس وإلي في توجيه نداء إلى جميع الشبان في أمريكا لقول كلمة لا.
طلب الرئيس رونالد ريغان من نائب الرئيس حينها جورج بوش لترؤس قوة خاصة مناهضة للمخدرات في جنوب فلوريدا. وليم غيت: خلال أشهر قليلة، احتل خمسمائة عنصر من القوة الخاصة مواقعهم، يسيطرون على جنوب فلوريدا. نقلت إلى هناك عام اثنين وثمانين، كمشرف على القوة الخاصة، فتعرفت في تلك المناسبة على تجارة الكوكايين عن قرب وخلال أسابيع قليلة.
بعد السيطرة على جنوب فلوريدا وعصابات مديين، أصبح بابلو اسكوبار يتمتع بقوة كبيرة دفعته إلى الخوض في العمل السياسي الكولومبي. جيمس: استقبل هذا التحول في بداية الأمر بطريقة إيجابية على الأقل.
يعمل جيمس فينكنور بروفيسورا للقضاء الجنائي في جامعة واتكينز في نيوجرسي. جيمس: كان أداءه أشبه بأداء روبين هود، إذ أنه كان يستخدم بعض هذه الثروات لبناء المساكن للفقراء، وتقديم الخدمات المشابهة الأخرى لهم. البروفيسور وليم بروس: سعى بابلو اسكوبار للحصول على دعم، من خلال احتياجات الفقراء، فجند العديد منهم، ومنحهم عملا، بعضهم في الحراسات وحمل السلاح، والبعض الآخر في عدة مجالات من أعماله، كما سعى للاستفادة من إخلاص عناصر في منظمته، فاشترى لهم عددا من المزارع التي اشتراها في ماغدليديا.
حصل بابلو اسكوبار على الثروة اللازمة لشراء كل ما يريده. وما يريده الآن، هو احتراف السياسة. رانس: مع بداية الثمانينات، كان اسكوبار قد نمى بعض القبول السياسي، ومع تنامي ثروته بدأ يرى مستقبل سياسي لنفسه في البلد، وفي عام اثنين وثمانين ترشح للكونغريس الكولومبي، فتم انتخابه ليصبح عضوا في مجلس النواب.
رانس ريلي هو أحد أبرز الخبراء في جرائم تهريب المخدرات على الصعيد العالمي، وقد ألف عدة كتب كان من بينها صناعة الكوكايين في الأنديس، حيث يصور مشاريع المخدرات الجنوب أمريكية التي تساوي عدة المليارات. رانس: كان يسعى لاحتراف السياسة التي بدت واعدة، ولكن المشكلة هي أن المال الذي كان يمول به احترافه السياسة كان يأتي من تهريب الكوكايين. ولكن الشعب الكولومبي لم يكن يعرف ذلك بل اعتقد أنه رجل أعمال ناجح.
وقف اسكوبار في دائرة الضوء السياسية لفترة وجيزة، إذ عمل أعداءه السياسيين والصحافة على الكشف عن مصادر ثروته. رانس: أعتقد أنه سمع بأولئك الذين يعيشون خارج التيار الرئيسي للمجتمع الكولومبي، ولا شك أنه كاد ينجح في تسخير دعمه للفئات الفقيرة لمصلحة احترافه السياسي، ولكن المشكلة هي أنه أخذ ينمو على الصعيد السياسي تعارض مع الأحزاب السياسية التي سعت للتأكد من هويته، لتعرف من هو بابلو اسكوبار ومن أين أتى؟ والأهم من هذا كيف حصل على أمواله. فلجأوا إلى السجلات القضائية ليتبين أنه سجن بتهمة تهريب المخدرات عام ستة وسبعين.
كانت ملفات اعتقاله قد فقدت من سجلات المحكمة، كما قتل الشرطيان المسؤولان عن اعتقاله بظروف غامضة، كما لم يتم العثور على القاضي الذي حكم في القضية. تبين حينها أن بابلو اسكوبار جمع ثروته عبر سبل غير قانونية. وليم غيت: يؤكد الذين يعرفونه، ومن بينهم شخص يعرفه جيدا، أنه كان متطلب جدا لا يعرف الرحمة. وكأنه روبين هود الذي يريد أن يفرض العدل على طريقته.
عام ثلاثة وثمانون عين رودريغو لارابونيا معيا عاما أطلق حملة شعواء للقضاء على تجارة المخدرات. في العام التالي داهمت ترانكو لانديو، أكبر مختبر لتصنيع الكوكايين على الإطلاق. مع تعزيز مواقف بليساريو بيتانكورت المتعلقة بتسليم المطلوبين، ومع تمادي المدعي العام حينها رودريغو لارا بونيا في مداهمة عمليات عصابات مديين، ومنها تراكو لانديو، أكبر مختبر لتصنيع الكوكايين تم تشييده في كولومبيا، وهو قادر على إنتاج ألف كيلو من الكوكايين في الشهر. تسببت هذه المداهمات بتراجع عصابات مديين عام أربعة وثمانين، ما أثار غضبا شديدا لدى بابلو اسكوبار، ما جعل المدعي العام هدفا للاغتيال.
أمر اسكوبار باغتيال بونيا انتقاما لمداهماته عصابات مديين. أخذت لائحة اغتيال الناس بأوامر من اسكوبار تصبح أطول فأطول. إنه لا يحتمل وقوف أحد في طريقه بما في ذلك قوات الشرطة أو حتى الحكومة بكاملها. في أواسط الثمانينات جمع بابلو من المال ما يكفي لترك انطباع بأنه رجل أعمال حقيقي، تمكن من جمع ما يقارب الأربعة مليارات دولار، فظهر على صفحات المجلات العالمية، كأحد أغنى رجال العالم. جيمس: تمكن من الظهور بزي رجل أعمال ناجح، خاصة وأن صناعة الكوكايين تحتاج إلى الكثير من العمالة وتفتح الكثير من الفرص لفئات واسعة من أبناء كولومبيا وهو الزعيم الذي يدرك هذه الحقيقة. البروفيسور وليم بروس: كان أميرا بين المهربين، ولكنهم لا يقلون عنه شأنا إذ تحول الكثيرون منهم إلى أصحاب مئات ملايين مع نهاية عام سبعة وثمانين. جيمس: كانت أعمال ومشاريع بالغة التعقيد، منتجاتها الرئيسية هي الكوكايين، وكأنها أجهزة فيديو أو كاميرات أو ما شابه ذلك، ولكن الأعمال كانت تتم بالطريقة نفسها تقريبا، وكان اسكوبار على رأس هذه المشاريع، وكأنه المدير التنفيذي مثلا، لشركة عالمية.
تصرف اسكوبار بازدواجية واضحة كغيره من زعماء المافيا، إذ كان مهرب مخدرات دموي مطلوب لحكومتي كولومبيا والولايات المتحدة، إلا أنه كان في الوقت نفسه زوج ووالد صالح وفاعل خير يخلق العديد من فرص العمل ويبني المساكن والمستشفيات والمدارس، ومراكز ترفيه لأبناء منطقته. البروفيسور وليم بروس: كان هذا بالغ الأهمية بالمقارنة مع باقي عصابات مديين، ولكنه بالمقابل كان يعيش حياة انفراد غريبة، حيث يذهب إلى إحدى مزارعه وحيدا دون زوجته وأبنائه، وقد انتشر هذا على نطاق واسع في كولومبيا. كما أن عدد كبير من الذين تعرفوا على ثروات بابلو اسكوبار وغيره الناجمة عن تهريب المخدرات ذهبوا إلى تلك المناطق. رانس: لا شك أنه اشترى المزارع والمنازل الريفية التي كان يحتفظ فيها بالنساء والجياد والتحف الجميلة ومجموعة من السيارات إلى ما هنالك من أشياء مشابهة. حتى أنه امتلك حديقة للحيوانات، ليس على المرء إلا أن يذهب لرؤية الحيوانات هناك دون أن يدفع سنتا واحدا. وكان هذا بعض من الخدمات المجانية التي يقدمها للناس، لتحسين سمعته، والإيحاء بأنه يتحمل مسؤوليات اجتماعية ويهتم بشؤون الشعب الكولومبي.
ولكنه في الواقع مجرم سفاح وقاتل دموي لا يخجل من التورط في تهريب المخدرات والاتجار بها. رجل: كان أشبه بإمبراطور لتهريب المخدرات، حتى بلغت سمعته وشهرته حدودها القصوى عام اثنين وثمانين، حين أصبح الجميع يعرف من هو بابلو اسكوبار. كان أشهر من جو كاستيلينو، أو بول كاستيلانو، كان يعرفون من هو بابلو اسكوبار.
تسببت منتجاته بقتل الكثير من الأرواح، ولكن هذه الصناعة كانت تعود على عصابات مديين بأرباح سنوية تتراوح بين ستة وثمانية مليار دولار. البروفيسور وليم بروس: نتيجة الجهود التي كانوا يبذلونها لإدخال المزيد من الكوكايين إلى الولايات المتحدة، فحققوا أرباحا هائلة يصعب حصرها.
استهلك الأمريكيون من الكوكاين أكثر من أي وقت مضى، ولكن بابلو اسكوبار أصبح مطلوبا من حكومتي كولومبيا والولايات المتحدة. البروفيسور وليم بروس: خاف اسكوبار من تسليمه إلى الولايات المتحدة حاله كحال زعماء مديين جميعا، كانوا يعرفون بأن محاكمتهم في الولايات المتحدة ستعني حكما بالسجن مدى الحياة، فقد سلم كارلوس ليدر وتلقى حكما مؤبدا إلى جانب مائة وخمسة وثلاثون عاما في سجن إلينوي، وكان اسكوبار يتمتع بذكاء كاف ليعلم أنه إذا حوكم في الولايات المتحدة، سيتلقى حكمين مؤبدين بالإضافة إلى مائة وخمسة وثلاثين عاما. شكلت مجموعة سميت بالمستردين من المطلوبين في الولايات المتحدة، وقد أطلقوا حملة إرهابية، ضد الحكومة الكولومبية تحذرها من تسلم الشخصيات الرئيسية في عصابات مديين. على مدار السنوات السبع التالية قامت عصابات مديين بفرض حمام من الدم على هذا البلد الذي هو الرابع من حيث الحجم في أمريكا اللاتينية. ضربت المجموعة كل من يقدم الدعم لتسليم المطلوبين إلى الولايات المتحدة. وليم غيت: أدى ذلك إلى موجة واسعة من الاغتيالات التي طالت قضاة وضباط في الشرطة وشخصيات معروفة من المجتمع الكولومبي، مثل غيرمو كانو، مدير صحيفة الإسبيكتادور، التي وضعت في مقرها عبوات متفجرة في هذه الحملة التي لم تميز أحدا. لقد استخدم مجموعات الثوار المتمردة على الحكومة لحماية عملياته، وقدم لهم مقابل ذلك المال والسلاح والمساكن لعائلاتهم، والمدارس لأبنائهم وكنائس يصلون فيها.
كانت حملة استهدف فيها الجميع، فكان الإرهاب من بين السبل التي اعتمدها اسكوبار للتعامل مع القضاء والصحفيين. ولم يتردد اسكوبار بإرسال تهديد إلى البعض عبر أحد محاميه العديدين. وكان يعرض على هؤلاء الاختيار بين المال والرصاص، أي الثراء أو الموت. كانت الرسالة تأتي معززة بألبوم صور للضحايا ومنازلهم وعائلاتهم وأصدقائهم. وكان اسكوبار مقابل تعاون الموظفين الكبار يدفع مبالغ طائلة من المال. راميرو: اعتمد على ما يتمتع به من سلطة وقوة لاخضاع العديد من الناس، وكان الموظف أو القاضي عن سماع اسم بابلو اسكوبار في جميع أرجاء كولومبيا، يدرك أن في الأمر تهديد بالموت، فلا يقفون في طريقه.
عام خمسة وثمانون، عاشت كولومبيا في أجواء توحي بأنها في حالة حرب. فقد سجل في مدينة مديين وحدها ألف وسبعمائة جريمة قتل، ما يشكل أعلى نسبة قتل في البلاد. لم ينجو طفل أو امرأة أو شيخ من عقوبته لأي رجل يعترضه. بعد عام من ذلك، بلغ عدد القتلى في مديين وحدها أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة، أي بمعدل عشرة قتلى في اليوم. البروفيسور وليم بروس: أي أن بابلو اسكوبار أخذ يزيد من اعتماده على قوته، سواء كانت هذه قوة السلاح أو تأثيره السياسي أو سلطانه المالي، لقد استخدم الملايين التي لديه لاختراق أبواب الحكومة الكولومبية والحول دون استمرارها في العمل على استخدام وحدات الشرطة لمداهمة عصابات مديين. وليم غيت: أنشأوا علاقات مع نيكاراغوا وعدد من جزر الكاريبي، ومع باناما طبعا وتحديدا الجنرال نورييغا هناك، ومع مجموعة من كبار الضباط في الجيش الكوبي، أي أنهم كانوا ينشطون جدا في عدد من بلدان المنطقة.[1]
استمرت إمبراطوريته بالنمو بعد انتشار منتجاته في أرجاء العالم. في هذه الأثناء استمر عدد ضحايا حرب المخدرات في كولومبيا بالنمو. كان اسكوبار وشركائه في مديين مسؤولين عن عمليات اغتيال راح ضحيتها المدعي العام، ووزير العدل، وعشرات الصحفيين، وأكثر من مائتي قاض، وما يزيد عن ألف من رجال الشرطة. حتى طالت موجة الاغتيالات المرشح الانتخابي للرئاسة في كولومبيا لويس كارلوس غالان عام تسعة وثمانين. البروفيسور وليم بروس: العمليات الارهابية التي تدعمها عصابات مديين وعلى رأسهم بابلو اسكوبار، قضت على ثلاثة من المرشحين الستة للرئاسة في كولومبيا، ضمن انتخابات عام تسعين. تم اغتيال ثلاثة مرشحين، من أصل ستة، أما الرئيس غابيريا فقد تم انتخابه لأن الرجل الذي تم اختياره من قبل الأحزاب وهو لويس كارلوس غالان، قد اغتيل بأمر من اسكوبار في آب أغسطس من عام تسعة وثمانين. العلاقة بين اسكوبار والحكومة الكولومبية غيرت وجه السياسة في هذا البلد، وذلك عبر الرئيس الكولومبي.[1]
بعد اغتيال غالان كثفت الحكومة من حملات المداهمات الموجهة ضد عصابات مديين. صودرت مئات السيارات والطائرات، إلى جانب آلاف الأسلحة التي بلغ عددها حوالي خمسة وعشرون ألف قطعة سلاح، كما حجت ممتلكات خاصة وعقارات تجارية بكاملها. ردت العصابات على ذلك بحرق عدد من منازل الزعماء السياسيين. ولكن أسوأ ما قام به بابلو اسكوبار من أعمال برز في تشرين الثاني نوفمبر من العام نفسه، حين تحضر أكثر من مائة راكب لصعود طائرة أفيانكا من نوع سبعمائة وسبعة وعشرين المتوجهة من بوغوتا إلى كالي. ما كانوا يعرفون بأن خمسة من ركاب الطائرة نفسها يقدمون معلومات عن عصابات مديين. ويقال أنهم مسؤولين عن معلومات قدمت لمداهمة مخبأ بابلو إسكوبار في الأدغال، من حيث فر عبر ممر صغير بين مزروعات الذرة المحيطة بالمكان. استعد أعضاء طاقم الطائرة الستة للإقلاع، بينما جلس الركاب الغير مشبوهين استعدادا لإقلاع الطائرة التي انطلقت في الجو. ولكنها في الطريق إلى كالي انفجرت في الهواء وقتلت جميع الركاب الذين كانوا على متنها. بابلو اسكوبار هاجم ثانية. انتشرت صور ضحايا الأفيانكا في أرجاء العالم. بدا وكأنه لا يوجد مخرج للنجاة من الأضرار التي تسببها عصابات المخدرات. وأصبحت الأصوات المطالبة بالتوصل إلى تسوية بين زعماء العصابات والحكومة أعلى من أي وقت مضى. اخذت الحرب المشتعلة بين الحكومة وعصابات المخدرات تترك أثرا سلبيا على إمبراطورية الكوكايين. يبدو أن موازين القوى بدأت تتغير، خاصة عندما تم القبض على عدد من مفاتيح عمليات التوزيع في الولايات المتحدة الأمريكية. وليم غيت: جاءت عملية هيد رينغير نتيجة مجموعة من التحقيقات والأبحاث التي بدأتها دائرة الجمارك، بداية عام تسعة وثمانين في فينيكس أريزونا.
قام العميل الخاص في جهاز الجمارك الأمريكية وليام غيتلي، بإطلاق وقيادة عمليات دامت عامين تستهدف عصابات بابلو اسكوبار ومديين. وصلنا تقرير من مركز التحقيقات في فينيكس أريزونا عن عملية لإيداع بعض المبالغ الغير اعتيادية في مصرف فرعي بشكل يومي أحيانا ومرتين في الأسبوع أحيانا أخرى، وكان المصرف يعرف صاحب رقم الحساب والشركة الصغيرة التي كان يملكها. اعتمدنا على هذه المعلومات لتعقب الشخص. كشفت التحقيقات عن عملية تبييض أموال يقوم بها ليال فريلي صاحب الشركة. وضع العملاء منزله تحت المراقبة طوال أربعة وعشرين ساعة في اليوم، ما أدى في النهاية إلى اعتقاله. وليم غيت: أدركنا عبر هذه العملية، إلى جانب القضية التي تمكنا من متابعتها وتوجيه التهم إلى شخص محدد جرت محاكمته، هو أن هناك شراكة مع عائلات المافيا العاملة إلى أوهايو، وتحديدا تلك المسيطرة على مناطق غرب بينسيلفينيا والمدن الكبرى في أوهايو، كانت تساهم في عمليات توزيع المخدرات وتبييض الأموال عبر شركات واسعة النطاق لصالح المافيا، ويجنون من ذلك أرباحا طائلة.
رغم أن فيلي لا يملك تاريخا من التجارة بالمخدرات، إلا أنه اشترى كميات من الكوكايين من عصابات مديين بقيمة تسعة ملايين دولار. وليم غيت: أثناء عملية توزيع المخدرات، أرادت عصابات اسكوبار الحصول على بعض الضمانات، بأنهم سيحصلون على المبلغ، مقابل شحن المخدرات.
عرف عن فيلي أنه رجل مافيا منذ الولادة وهو مطلوب لعدد من دوائر ملاحقة الجرائم. لجأ فيلي أخيرا إلى اسكوبار لضمان حريته الخاصة. وليم غيت: قاموا أولا بنقله من جنوب فلوريدا إلى جزر باهاماس، ومن باهاماس تم نقله بطائرة خاصة إلى كولومبيا، حيث أقام في حماية أحد زعماء التهريب وهو فيلاسكو بيترسون. تبين لاحقا أنه كان بمثابة رهينة لديهم وشريك في الأعمال، وكان هذا الأمر يناسبهم لأنه لم يدفع ما عليه من ديون. تقرب جدا حماته هناك، أي فيلاسكو بيترسون وزعيمه بيدرو أورتيغون، كما تقرب من بابلو اسكوبار والتقى معه عدة مرات لمناقشة سير الأعمال، وبعد ذلك تلقى منه حكما بالموت، بعد أن رفض أن يدفع ما عليه.
وعد فيلي إنقاذا لحياته بأن يعود إلى الولايات المتحدة مع ممثلين عن العصابات إلى الولايات المتحدة لجمع الدين. أجبره ذلك على الوقوف في وجه شركائه في المافيا لربع قرن. وليم غيت: حين جمع التسعة ملايين دولار وسلمها لعصابات اسكوبار كسب ثقتهم وتحول إلى المهرب الرئيسي لديهم، وقد أقاموا له الأعمال، في جنوب فلوريدا على شاطئ الخليج. وكانت المنظمة في تلك الفترة أيضا قد اشترت ممتلكات كبيرة في بيليس، من شركات بريطانية، وجهزت كل ما يلزم للقيام بعمليات تحليق مباشر عدة مرات كل يوم انطلاقا من مديين إلى بليس، ومن هناك كانوا يحملون البضائع ويشحنوها بالزوارق والطائرات الخاصة مباشرة إلى الأراضي الأمريكية.
كان فيلي يهرب كميات كبيرة من الكوكايين، بلغت حمولة إحدى الشحنات أكثر من عشرة أطنان من المخدرات جاءت إلى الولايات المتحدة عبر بليس، جرى توزيعها في نيويورك ولوس أنجيلوس عبر عصابات مديين. وليم غيت: لا بد للمجرم أن يترك أثرا. قد يكون أفضل مهرب للكوكايين في العالم وأشدهم نجاحا في محو الأثر ولكن ارتكاب خطأ واحد يكفي للقبض عليك، سواء كنت على علم بارتكابه أم لا.
كان فيلي حريصا بالفطرة. وقد شعر بأن أحد المتعاملين معه يعمل مع الشرطة مباشرة. وليم غيت: جمع كل ما يمكن أن يجمعه وخرج مسرعا تاركا وراءه الزوارق وطائرة بمحرك واحد وعدد من الأشياء الأخرى. المهم أنه ركز على جميع ما تيسر له من أموال نقدية. عند إلقاء القبض عليه كانت لدينا تقارير تؤكد أنه يعد لتنفيذ العمليات لحسابه الشخصي. وأنه قد حصل على رقم هاتف يتصل من خلاله مع كولومبيا يوميا. وقد تأكدت هذه المعلومات عندما أعطيناه فرصة لتغيير وجهته. وقد فعل. فعرض علينا تسليم تركيبة القيادة لدى اسكوبار في كولومبيا وبنيته التحتية في الولايات المتحدة.
تؤكد المعلومات أن حكومة الولايات المتحدة لم تقبل بذلك أولا. وليم غيت: رفضوا القبول أولا بأن أحدا يستطيع التحدث مباشرة مع بابلو اسكوبار. لأن أحدا لم يفعل ذلك من قبل ما يعني أنه لا يمكن أن يتم الآن. ثانيا: لأن الذهاب إلى بيليس للمجيء بأطنان من الكوكايين، هو مشكلة، ليس مشكلة للمهربين ولكنها مشكلة للحكومة.
تطلب ضمان نجاح ما عرف بعملية ديد رينغير عدم إبلاغ حكومتي بيليس وكولومبيا بما سيجري ضمن هذه العملية المعقدة. وليم غيت: كانت عملياته تتلقى الحماية في كولومبيا وفي بيليس، ولكنا نعتمد الآن على تعاون أحد العاملين لديه، لإدخالنا في العمليات التي يجب أن يعتبرونها جزءا منهم.
اتصل فيلي يوما بعد يوم بمهربي المخدرات في الولايات المتحدة وبيليس تجهيزا لعملية الإيقاع بهم. وليم غيت: كان علينا في الوقت نفسه أن نأخذه كي يعقد اجتماعا له في إحدى القاعات مع ستة أو ثمانية أو أربعة من مساعديه وزعمائه. والعاملين في التهريب لمتابعة ما يجري. كان علينا في هذه الأثناء إعداد فريق حدد مواقع المستودعات، التي تحتوي على طنين من المخدرات. فكرنا بالقيام برحلة للحصول على مكان طن على الأقل ولكنه قال أن هناك عشرة أطنان، يمكن أن تأخذوها، إنها لكم. صوت: هل تعتقد أن مليون ونصف المليون مبلغا كافيا مقابل ذلك، هل يكفي؟؟
عبر تعاون ليال فيلي استعدت وحدات دعم القانون للتحليق إلى بيليس والمجيء بشحنة الكوكايين من هناك. صوت: حسنا لا بأس بذلك هذا مناسب جدا. وليم غيت: تمكنا من تصوير الطائرة ساعة هبوطها وعمليات شحن المخدرات وتسجيل جميع الاتصالات التي جرت من الأرض أثناء العملية مع الطيار.
بعد عمليتي شحن نقل خلالها طنين من الكوكايين قررت الحكومة الأمريكية وقف أي عملية نقل أخرى. وليم غيت: بقي أكثر من ثمانية أطنان بانتظارنا على الأرض، ما أصاب اسكوبار بالغضب لأننا لم نذهب لشحنها. بررنا ذلك في أننا سنوزع ما لدينا أولا لأن عمليات التخزين بالغة الخطورة. تفهم الأمر ولكنه كان غاضبا.
أصبحوا الآن مستعدون للانتقال إلى نيويورك لتفكيك شبكة توزيع الكوكايين التي يعتمدها اسكوبار هناك. وليم غيت: كانت هذه أنباء سارة لنا إذ حصلنا على اتصال مباشر بعدد من مفاتيح البنية التحتية الكولومبية العاملة في مجال المخدرات على مستوى الولايات المتحدة ككل.
كانت العصابات تدين لفيلي بأكثر من خمسة ملايين دولار. صوت: مايكل، أعطني ماك ويل.
تعامل فيلي مع هذه العصابات لأكثر من عشر سنوات، وكانت سياسته تكمن بعدم توزيع المخدرات حتى يحصل على المال. ولكن دوره في عملية هيد رينغر الحكومية، كان يقتصر على ذلك وحده. وليم غيت: انتشر العديد من رجالنا لمراقبة ما يجري. في إحدى المناورات تمكنا من جعلهم يخسرون أكثر من طني كوكايين خلال أقل من نصف ساعة. استغرقت هذه المناورات أكثر من عشرة أشهر ونصف الشهر، والكثير من الصبر والتضحيات الجسام.
اتصل فيلي بكولومبيا ليسأل عن المال. وليم غيت: كنا نعرف أنه أينما كان هذا الرجل، كان مسؤولا عن دفعه المال له، ذلك أنه على مقربة من الكوكايين. حددنا موعدا لعقد اجتماع مع ذلك الرجل، وعندما أصبح على مسافة مائتي متر، حددنا مكان الكوكايين بالاعتماد على ما لدينا من أجهزة إلكترونية متخصصة. وهكذا تمكن من تفكيك المنظمة في نيويورك واستعادة الكوكايين.
كللت عملية هيد رينغر بالنجاح، بعد أن تم الحصول على ما يكفي من أدلة إلكترونية وغيرها لمحاكمة زعماء عمليات نيويورك، فانهارت بذلك البنية التحتية لتوزيع المخدرات في أكبر مدينة أمريكية. وليم غيت: كانت هذه أول مرة يشعر فيها بالخسارة الجسيمة. لا يقتصر الأمر على خسارة طنين أو ثمانية أطنان ما زالت على الأرض في بيليز، بل خسارة بنيته التحتية والزعماء الذي لا يسهرون على استقبال وتوزيع الكوكايين في نيويورك، كمنطقة أساسية، بل وإرسال الأموال إليه، لقد خسر كل ذلك.
شهد ليال فيلي لصالح الحكومة الأمريكية. وقد ثبتت التهم الموجهة إلى جميع الأشخاص الذين تم التوصل إليهم عبر عملية هيد رينغير. رغم خضوعه لبرنامج الحماية الشخصية، إلا أن فيلي أمضى في السجن أكثر من خمس سنوات. وهو يستمتع اليوم بحياته الخاصة باسم مستعار. طوال عقد من الزمن، بنى اسكوبار عظمته عبر الجريمة والرشوة. مع بداية التسعينات، وجد اسكوبار نفسه عرضة لحملة مشتركة تقوم بها كولومبيا والولايات المتحدة. رانس: وأخيرا أصبح اسكوبار الهدف رقم واحد، وبدأت عصابات مديين تتحول إلى هدف رئيسي لسلطات كولومبيا التي أدركت بأن أمنها الداخلي يعتمد على التخلص من عصابات مديين، لهذا عملت على تدميرها بمعونة الولايات المتحدة. راميرو: كنا على علم بمواقعه وأبدينا استعدادا لمساعدة كولومبيا في القبض عليه أو أخذه إلى الولايات المتحدة. البروفيسور وليم بروس: وجد فرصة للتفاوض مع الحكومة الكولومبية، والخوض في مساومة تخفف الحكم عليه وتلغي احتمال تسليمه إلى الولايات المتحدة، على أن يسجن بضع سنوات يخرج بعدها حرا طليقا بما معه من ملايين الدولارات.
سلم اسكوبار نفسه للسلطات الكولومبية بعد حصوله على ضمانات بعدم تسليمه إلى الولايات المتحدة، وضمن الشروط التي حددها بنفسه للحكومة الكولومبية. وقام شخصيا ببناء سجن خاص به عرف بلقب لاكاتيدرال خارج مديين. جيمس: من الصعب جدا على زعيم عصابة ما أن يستمر بقيادة هذه المنظمة بالطريقة نفسها وهو يقبع في السجن. قد يتم ذلك لبعض الوقت ولكن الواقع في النهاية يفرض نفسه، إذ أنه لم يعد هناك لتأكيد أوامره وهذا ما حدث فعلا مع اسكوبار. رانس: شعر بأنه يستطيع التمتع بكل ما يريده في العالم. ولكن أعدائه لا يقتصرون على الحكومة الكولومبية وحدها بل هناك عصابات أخرى وزعماء آخرين ينافسونه داخل تحالف مديين. وأعتقد أنه فكر بأنها ستكون مجرد إقامة آمنة يستطيع الاستراحة فيها، دون أن يؤثر هذا سلبا على عمله في قيادة إمبراطورية الكوكايين. البروفيسور وليم بروس: كان لديه هاتف، وزوار يأتون إليه، والأسلاك من حوله تحميه من العسكريين، وتحميه من العصابات المنافسة، أي أن هذا السجن لم يكن في غير صالحه. رانس: قام ببناء السجن لنفسه وفق معايير محددة، فمن هناك كان قادرا على إدارة إمبراطورية الكوكايين، فكان لديه كمبيوتر وجهاز فاكس وهاتف وكل ما يلزمه للاتصال بالعالم الخارجي. كما أنه استخدم السجن لأكثر من مجرد قيادة عمليات الاتجار بالمخدرات، إذ أنه كان يصدر التوجيهات والمحاكمات ضد أعدائه في العصابات الأخرى. بعض الذين كانوا يذهبون لرؤيته والتحدث إليه كانوا يتلقون التوجيهات منه. أي أنه كان يفعل كل شيء من ذلك السجن. سمح لاسكوبار بمغادرة السجن أيضا، فقد كان يخرج مساء السبت للذهاب إلى إينفيغادو والجلوس إلي إحدى الحانات للتحدث مع أصدقائه وقضاء أمتع الأوقات. كما شوهد في مباريات لكرة القدم. أي أنه استمتع بحياة جيدة هناك إلى أن اتضح في نهاية المطاف كل ما كان يفعله فقررت الحكومة نقله إلى سجن عسكري، اعتبر أقل راحة من قبل.
بدل القبول بظروف العيش في السجن العسكري فضل اسمكوبار الفرار من سجن لاكاتيدرال لقضاء بقية حياته مطارد من قبل أعدائه الذي لا يعدون. رانس: تمكن اسكوبار من بناء شبكة معقدة لحمايته وذلك بالاعتماد على قدمه من خدمات للأحياء الفقيرة في مديين، أضف إلى ذلك أنه كان يدفع الرشاوى لضباط الشرطة والجيش وكبار الموظفين الحكوميين، حتى يبلغوه بموعد ومكان قيام الشرطة أو الجيش بعمليات المداهمة، كي يتمكن من الفرار.
تمكن اسكوبار من الفرار عدة مرات بأعجوبة، ولكن عصره كملك الكوكايين قد بلغ نهايته. فازت عصابة الأخوين رودريغو أرغوييس في كالي بمواقع هامة في صناعة تهريب الكوكايين، فأصبحا يحتلان المكانة الأولى في هذه التجارة المربحة والخطيرة في آن معا. البروفيسور وليم بروس: ظهر الأخوين رودريغيس أرغوييس كشخصيات رئيسية في كالي، بسرعة فائقة في نهاية أعوام الثمانينات وبداية أعوام التسعينات، ليصبحوا الممولين الأهم للكوكايين في كولومبيا، فحلوا محل مديين وبابلو اسكوبار، ذلك أن هذا الأخير كان منهمك جدا في البقاء على قيد الحياة، وفي حربه المعلنة ضد الحكومة الكولومبية.
أصبح اسكوبار بمفرده، وعصابات مديين قلقة على فقدان أمجادها في التهريب. الانعكاسات السلبية لحرب الكوكايين بدأت تؤثر عليه كليا، ما دفع اسكوبار المجرم والقاتل بلا رحمة، لعمل أي شيء في سبيل إطالة أمد فراره. اعتبر فرار بابلو اسكوبار من سجنه الفخم بمثابة صفعة على وجه السلطات السياسية. بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية تشكلت وحدة من القوات الخاصة الكولومبية بهدف واحد هو القبض على بابلو اسكوبار. بوش: نأمل رؤيتها مفككة ومدمرة. البروفيسور وليم بروس: اعتمد بابلو اسكوبار على طرق فرار تساعده على العيش في ظروف السرية طوال بعض الوقت قد يصل إلى عامين، ولكن هذا خيار يائس، فالواقع هو أنه أسس منظمة، أعضائها مخلصون له، سواء كان ذلك في الأرياف حيث الفلاحين أو في مديين حيث يملك عدد من المساكن. رانس: يعتمد أولا على صداقاته الكثيرة في مديين، أضف إلى أنه يتمتع بدعم سياسي من قبل فئات واسعة من فقراء المدينة. أي أن هناك بعض الوفاء الذي يمكن الاعتماد عليه لضمان نوع من الحماية. أي أن الناس لن يبلغوا عنه لأنهم يعتقدون أنه من الصالحين.
ولكن أعدائه كانوا يشدون الطوق. رانس: بين عامي اثنين وتسعين وثلاثة وتسعين، كانت السلطات الكولومبية تبذل الكثير من المساعي للقضاء على هذه العصابات، حتى تمكنت في هذا المجال من قتل ما يقارب مائتي رئيس عصابة كبيرة ومتوسطة. كما عرضت نوعا من التسويات داعية البعض لتسليم نفسه. يمكن القول أنها عطلت عصابات مديين عن العمل من حيث المبدأ. البروفيسور وليم بروس: لم يعد الأمر محتملا، إلى أن قامت الحكومة الكولمبية بالتعاون مع الولايات المتحدة بتأسيس وحدات مشتركة بين الشرطة والجيش للاستمرار في تعقبه، وذلك ضمن هيكلية الجيش وتحديدا لنيل من اسكوبار. وقد عملوا على إخراج وحدات الشرطة التي كانت في مديين لنشر وحداتهم الجديدة، فأدرك أن عليه إما أن يرشوهم أو يقتلهم لكسب ولائهم.
عزز الرئيس غابيريا هذه الوحدات بسبل تنسيق قيادية إضافية، وأجهزة تنصت إلكترونية، ومراقبة لأربع وعشرين ساعة. البروفيسور وليم بروس: المساعدة هامة، ولكن حكومة غابيريا كانت تريد القبض على اسكوبار أيضا بعد هربه من لاكاتدرال، هذا هو بيت القصيد، بعد انتهاكه لتعهد الحكومة نحوه. بعد أن فعل ذلك وأصبح يهدد قادة عصاباته، أصبح جرس القضاء عليه يرن بلا شك.
مضى أكثر من عام على فرار اسكوبار، ولكن يبدو أن حظه أخذ ينضب. لجأ اسكوبار إلى شقة سكنية في مديين. أثناء حوار أجراه مع ابنه بالهاتف الخليوي، تمكنت الشرطة المختصة من تحديد موقعه. رانس: وضعو مثلاثا من حوله، حددوا بعدها مكانه على مسافة مائة متر إلى أن عثروا بالتحديد على الشقة التي كان يسكنها.
حاول اسكوبار الهرب بالقفز من فوق سطح الشقة التي تعرضت للتصدع. تم تبادل إطلاق النار بين الشرطة واسكوبار. قتل بابلو إميليو اسكوبار رميا بالرصاص على يد أحد رجال الشرطة يوم الثاني من كانون أول ديسمبر من عام ثلاثة وتسعين، بعد يوم واحد على ذكرى ميلاده الرابعة والأربعين. في النهاية، مات اسكوبار غارقا في دمائه، دون أن ينتعل حذاءه. احتفلت الشرطة في الشوارع، بينما أعلنت عائلته الحداد على موته. رانس: تم القضاء عليه. لأن شخصا مثله رغم كل ما له من علاقات وما اشتراه من ذمم وما جنده من صداقات ليصنع بها شبكة يعتمد عليها في حمايته، كان لا بد أن تنهار بعد أن تحول إلى العدو رقم واحد للمجتمع والبلد ككل. هذا ما ساعد الشرطة، أو ما أسموه بوحدات البحث، على النيل منه.
كان مماته شبيه جدا بحياته. إذ أن جنازته ازدحمت بفرح أهل الشماتة من أهالي الذي قتلوا على يد رجاله وعصاباته، وحزن عائلته محبيه الذين استفادوا من المساعدات ومعونات التي قدمها عبر أعماله الخيرية الواسعة النطاق. تفككت عصابات مديين الواحدة بعد الأخرى. وضع كارلوس في السجن. وقتل خوسي غونسالو رودريغيز غاشو رميا بالرصاص في حقول السكر على الشواطئ الكولومبية. وجرت مساومة مع الأخوين أوتشوا أودعوا بعدها في السجن. البروفيسور وليم بروس: هناك زعماء لم يختفوا، أودع بعضهم في السجن ولكن البعض الآخر تابع العمل بمفرده. فأصبح لدينا بقايا من عصابات مديين. بعد سنوات من مقتل بابلو اسكوبار زعيم عصابات مديين، ما زالت عصابات المخدرات الكولومبية أقوى من أي وقت مضى. فهي تعمل اليوم ضمن مجموعات أصغر حجما وأكثر فعالية، لا تهرب الكوكايين وحده، بل والهيرويين معه. راميرو: تغير الحال بعد التخلص من اسكوبار ولكن ما زلنا نواجه المشاكل. وليم غيت: ما تغير على الأرجح هو الإرادة الكولومبية للقيام بعمل ما، لإنقاذ البلد من حرب العصابات التي تحالفت جيدا مع المهربين. البروفيسور وليم بروس: إنهم ليسوا عصابة، ولا يهربون خارج حدود كولومبيا، ولكنهم مسلحين يقدمون الحماية للمختبرات والمواقع ويجمعون الضرائب من مزارع الكوكايين والأفيون.
تستهلك الولايات المتحدة كميات من المخدرات تفوق جميع بلدان العالم. علم اسكوبار ذلك واستولى على أسواق مستهلكي الكوكايين الأمريكيين. رانس: يبدو أننا لا نفهم بأن هذه صناعة كبيرة، إنها صناعة تؤثر على الاقتصاد وعلى حياة الناس في جنوب أمريكا. لا يمكن التخلص من هذه الصناعة بين ليلة وضحاها. ولكن علينا اتخاذ خطوات محددة نجد أنها قد تساعد في هذا المجال. وليم غيت: أعداد الذين يغادرون كولومبيا أكبر من أي وقت مضى من تاريخ البلاد، لأن قلة يؤمنون بأنهم يستطيعون كسب الحرب.
ستبقى أسطورة بابلو اسكوبار في أذهان عدة أجيال قادمة. إلى أن يتم التخلص من الطلب على المخدرات الغير مشروعة، سوف يبقى هناك شخص من هذا النوع، مستعد لتلبية هذا الطلب. رانس: أعتقد أن أبرز ما يذكرنا باسكوبار هو أنه المهندس الأكبر لصناعة الكوكايين، وهي من أهم ومن أشد الصناعات إيلاما نشأت في أمريكا اللاتينية وانتشرت في الخارج. وليم غيت: بغض النظر عن أهمية ما قام به من أعمال خيرية متنوعة، فقد قام بها للتستر على عمليات منظماته الإجرامية، وكي تعود عليه بالنفع شخصيا، ليتمكن من صنع المزيد من السموم. لا أعتقد أن أي بلد غير كولومبيا قادر على تطوير صناعة تهريب المخدرات كما يفعلون.
ولد بابلو اسكوبار، ومات عرابا للكوكايين. وهكذا مات بابلو اسكوبار، وما زال سكان مديين يذرفون الدمع على قبره، حزنا على ما قام به من بناء مساكن للمشردين ومستشفيات للمرضى ومدارس للأميين وكنائس .ولكن مشاعر عائلات رجال الشرطة وكبار الموظفين الحكوميين والصحفيين والقضاة الذين قتلهم تختلف جدا، إذ يعرفون في ملامحه وجه القاتل بدم بارد، الذي يبدو أن لديه كل شيء ولكنه في النهاية مات بمفرده. كلفت الحروب الشرسة للحكومة الكولومبية بمساعدة القوات الأمريكية في مواجهة حاشية إسكوبار الكثير، خصوصاً عدد الوفيات الذي بلغ في سنة 1991 وحدها 7,081 ضحية مدنية، وأكثر من 600 شرطي وضابط.

في الفن

المصادر


وصلات خارجية

وصلات خارجية إنغليزية

حقائق ستذهلك عن إمبراطور المخدرات الكولومبي (بابلو إسكوبار) وثروته


إمبراطور الكوكايين، ابن المزارع الكولومبي الفقير، عندما أصبح عمره 35 عامًا صار واحد من أغنى رجال العالم. إليكم مجموعة حقائق مدهشة عن هذا الرجل، بابلو إسكوبار. 



1- في منتصف الثمانينات كانت منظة إسكوبار تحصل على 420 مليون دولار إسبوعيًا، هذا يعادل 22 مليار دولار سنويًا.

2- في نهاية الثمانينات كان بابلو إسكوبار يمد العالم بـ 80 بالمائة من استخدامه للكوكايين.
3- كان يهرب أطنان من الكوكايين يوميًا إلى الولايات المتحدة، تصل أحيانًا إلى 15 طنًا يوميًا.

4- أربعة من كل خمسة أمريكيين يتعاطون الكوكايين كان مصدر الكوكايين الذي يتعاطونه هو بابلو إسكوبار.
5- بابلو إسكوبار كان يخسر مليارات الدولارات لعدة عوامل منها الفئران التي تأكل النقود في المخازن ولكنه لم يكن يهتم بسبب أرباحه المهولة.

6- إسكوبار كان شهريًا يشتري أربطة مطاطية بقيمة 2500 دولارًا؛ ليربط بها النقود التي ربحها من المخدرات.
7- عندما كان إسكوبار مختبئ من السلطات، شعرت بنته مانويلا بالبرد فقام بإشعال 2 مليون دولار لتدفئتها.
8- العديد من الكولومبيين يعتبرونه بطل، لاهتمامه بالفقراء وإنفاق الأموال في الأعمال الخيرية وبناء المستشفيات والبيوت.
9- عقد إسكوبار اتفاقًا مع الحكومة الكولومبية أن يتم سجنه في سجن فاخر قام هو ببناءه وبالفعل عاش فيه فترة قبل أن تقرر الحكومة نقله فهرب 


لم يندم على قتل 300 شخص واعتبر نفسه "ضحية"

الذراع الأيمن لبارون المخدرات "أسكوبار" بكولومبيا يفجر أسرارا صادمة


اشتهرت أميركا اللاتينية بأنها بؤرة للإجرام وسفك الدماء ولا يكاد يمر يوم من غير أن نسمع عن عشرات الجرائم المرعبة التي قضّت مضاجع السكان حتى أصبحت بعض الدول في تلك القارة أشبه بمناطق موبوءة ومفخخة بالمليشيات المسلحة والعصابات ومافيا المخدرات التي عاثت في البلاد قتلاً وإجراماً مستغلة عوامل الفقر وعدم المساواة الاجتماعية المتفشية هناك.
"ميدلين كارتل"، هي أحد أشهر عصابات المخدرات بكولومبيا، تلك التي دوخت رجال التحريات وزعزعت استقرار البلاد، أنشأها السفاح الأميركي والقاتل الملقب ببارون المخدرات "بابلو أسكوبار". لكن الكثير لن يكن معروفاً عنه وظلت قصته غامضة حتى قرر ذراعه الأيمن ومخبأ أسراره أن يخرج عن صمته بعد سنتين من تاريخ مغادرته للسجن.

وما يثير الدهشة والاستغراب هو أن القاتل المحترف المنفذ لعمليات أسكوبار الإجرامية كشف بأنه لم يكن مذنباً في جرائمه التي ارتكبها بل إنه مجرد "ضحية" لإمبراطور المخدرات الأعتى والأسوء سمعة في التاريخ.

جون خايرو فيلاسكيز فاسكيز هو الاسم الحقيقي لمنفذ جرائم الاغتيال التي جعلت ميدلين، ثاني أكبر مدن كولومبيا، العاصمة الأولى في جرائم القتل عالمياً. الرجل الذي يبلغ من العمر 53 عاماً اعترف بقتل 300 شخصاً وأمره بقتل 3000 آخرين، ليصدر عليه حكم بالسجن مدى الحياة بعد أن خلدت جرائمه عهداً أسطورياً من الإرهاب لن تنساه أزقه وجدران كولومبيا.
تاريخ أسود


ويدّعي القاتل الكولومبي الذي يختبأ الآن خوفاً من انتقام أسر ضحاياه بأنه مستعد لإزاحة الستار عن التاريخ الأسود لشبكة ميدلين كارتل التي تضم موردين ومهربين للمخدرات بمدينة ميدلين. وانتشر نطاق عمل هذه المنظمة بين كولومبيا وبوليفيا وبيرو وهندوراس، والولايات المتحدة إضافة إلى كندا وأوروبا بين  1970 و 1980. وخلفت أنشطتها الإجرامية عن قتل 600 من ضباط الشرطة وآلاف المدنيين .
وعلى الرغم من ارتكابه لجرائم غاية في البشاعة والوحشية ذاع صيتها وبثت الذعر في كافة أنحاء كولومبيا، يصر فاسكيز على أن جميع ضحاياه هم قتلى حرب، مدعياً على صفحته التي أنشاها أخيراً على فيسبوك أنه ليس مجرماً، لكن الظروف التي مر بها هي التي جعلته هكذا.

وبحسب فاسكيز، فإن امبراطور المخدرات الذي احتل المرتبة السابعة كأغنى رجل وفقاً لتصنيف مجلة فوربس كان أقوى بكثير من حدود توقع أي شخص حتى تم قتله على إثر مواجهات على السطح مع أفراد من قبل إدارة مكافحة المخدرات في عام 1993.

السيطرة على "داس"

ومن مخبئه الجبلي، قال فاسكيز لمحطة التلفزيون الكولومبية "كاراكول" إن ثروة أسكوبار التي تقدر بـ 20 بليون يوريو مكنته من السيطرة على وكالة الاستخبارات التابعة لقسم إدارة الأمن "داس" في البلاد. ووفر القسم الذي تم حلّه في عام 2011 ، الأمن لمؤسسات الدولة والسياسيين وشخصيات الأخرى، فضلاً عن قيامه بدور مشابه لدور مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي.

وأشار فاسكيز إلى أن سيطرة إسكوبار، ملك الكوكايين، على قسم إدارة الأمن بالمشاركة مع كارلوس كاستانيو، قائد ميليشات يمينية، مكنّه من العثور على  المعارضين وقتلهم سواء من أفراد العصابات المنافسة أو من السياسيين المتطفلين، مما شدد من قبضة أسكوبار على البلاد.
وبين أنه لولا انخراط "داس" في عام 1980 في عمليات "ميدلين كارتل"، فإن جرائم قتل كثير من السياسيين وتجار المخدرات الذين كانوا ضمن جبهة أعداء "ميدلين كارتل"  لم تكن لتحدث. وأفاد فاسكيز: "في عام 1986، وبالتعاون مع البرتو روميرو، سياسي ومرشح للرئاسة الكولومبية وكارلوس كاستانيو، تمكنا من السيطرة على "داس" بما لدينا من أموال، مع العلم أن "داس" تم تمويلها من قبل "ميدلين كارتل ".

رشوة
 وعندما تصبح هذه التصريحات مكشوفة للعلن، فإنها ستقع كالصاعقة على رؤس كل من ظنوا أن أجهزة الدولة الاستخباراتية كانت تعمل على القضاء على عهد الجريمة المستشري تحت ولاية اسكوبار. ولأن الرشوة كانت مدخلهم إلى قلب الحكومة الكولومبية، فإن فاسكيز، الرجل الأكثر إخلاصاً وثقة لدى أسكوبار، استطاع تنفيذ عمليات اغتيال جريئة ونوعية لشخصيات رفيعة المستوى بناء على طلب الثاني إلى جانب سلسلة من الهجمات استهدفت أفراد من الحكومة الكولومبية.
جرائم سياسية

طالت جرائم فاسكيز شخصيات سياسية هامة منها جريمة اختطاف وتعذيب رئيس مستقبلي لكولومبيا ونواب الرئيس، كما أنه قام بقتل النائب العام وساعد في حياكة مؤامرة لاغتيال المرشح الرئاسي الكولومبي لويس كارلوس غالان ، والتي تعد الجريمة الوحيدة من بين آلاف الجرائم التي أدين بسببها.
وحتى تاريخ اعتقاله في عام 1992، تلطخت يداي فاسكيز بدماء 250 شخصاً بما في ذلك صديقته المقربة.  كما فجر أكثر من 250 سيارة مفخخة إلى جانب تورطه في تفجير  طائرة أفيانكا 1989عام رحلة رقم 203، والتي أودت بحياة 107 أشخاص ماتوا لرغبة فاسكيز باغتيال شخص واحد، وهو مرشح رئاسي آخر.

وعلى الرغم من إزهاقه للعديد من الأرواح، ادعى فاسكيز بأنه لم يملك أي خيار سوى الانصياع لأوامر أسكوبار، مشيراً إلى أنه لا يشعر بالذنب تجاه الجرائم التي ارتكبها. وقال: "أنا أيضا ضحية أسكوبار ولست مسؤولاً عن الاغتيالات "، مبيناً أن ما قام به من جرائم لا يحرمه من اليوم.

ترف

وفي منزله الفخم، استمتع زعيم المخدرات أسكوبار بأسلوب حياة فاره جداً إذ كان يملك حديقة حيوانات خاصة تضم 50 فرس نهر مستورد من إفريقيا. إلى جانب ذلك، فإنه ملأ حياته بالسيدات الجميلات وأحاط نفسه بالموسيقين المشهورين. وذكرت تقارير أنه أرسل طائرات هليكوبتر لاحضار الهامبرغر المفضل له. وعلى خلاف جمال الحياة التي كان يحظى بها داخل قصره، فإن شبكة المخدرات التي يرأسها حولت مدينته الأم ميدلين لساحة حرب سوداء، جاعلاً كولومبيا عاصمة القتل والأجرام الأولى في العالم. أدخل أسكوبار الذي جمع ثروته عبر تجارة المخدرات وغسيل الأموال عشرات الآلاف من أطنان الكوكايين إلى الولايات المتحدة ومنها إلى أوروبا، وكانت عصابة أسكوبار تقتل بلا رحمة كل من يحاول إيقاف نشاطه ونشاط التنظيم.
غفران
ويصر فاسكيز  على أنه أصبح انسان مختلف بعد عودته إلى الله: "كنت قاطع الطريق الأكثر استعداداً لأي عملية إجرامية في كولومبيا. ومصير أي قاطع طريق إما السجن أو الموت. أعلم أن المجتمع لن يسامحني أبداً، وأني لن أستطيع محو لقب المجرم الذي اكتسبته باستحقاق من عقول الناس، لكن الله يغفر. ومن دون أن يعطي تفاصيل، ادعى فاسكيز أنه يعمل في الوقت الحالي مع نظام العدالة بكولومبيا مضيفاً: "في السجن، تعلمت كيف أعود مجدداً للاندماج في المجتمع ولكن الحرية لم تكن سهلة بالنسبة لي. أشعر بأني حر فقط عندما أذهب إلى الحمام وأرى نفسي في المرآة لأنه لا توجد مرايا في السجن.
وختم بقوله: "في الحياة هناك وقت لكل شيء، هل هناك وقت للقتل، ووقت للندم، ووقت للعقوبة. وأرى أن هذا هو الوقت المناسب لتعويض ما فات ورد الجميل للمجتمع. كل ما أريد القيام به الآن هو أن أحكي قصتي  والحقيقة وسأكتفي بذلك."

 

بهذا نستعرض اعزائى سويا مشهد من مسرح العالم المعاش وظهور اباطرة فى عالم المخدرات التى ابتكرتها حضارة الرجل الابيض وذاقها ابنائها وكل الشعوب الاخرى وذاقوا وبالها وولدت ابشع الجرائم مصاحبتا لها فى كل اصقاع العالم 
ولما نستعرض هذا الامبراطور والذى بدى وكانه يشن حربا خاصة على اميريكا تحديدا وحضارة الرجل الابيض عامة 
نجدنا امام تنقاضات المشاعر وتحليل المشهد ينبغى الا نسقط عليه الرؤية من زاية واحدة 
فعلى المستوى العام للانسانية نعم تلك المخدرات تضر بالانسان وتهلك الكيان الاجتماعى وتحوله على اهش درجة من الانسانية والاستمرارية 
ولكن على صعيد اخر سياسات الدول المستعظمة وما تمارسه فى افساد الانظمة الصغيرة على حساب مواطنى البلاد النامية والمواردية يفوق تجارة المخدرات نفسها اثرا 
فالمخدرات يجوز العلاج منها والاستشفاء الطبى 
اما دول الفساد والافساد الراسخة يصعب التعامل معها الى حيث تشبه السرطان فى مراحله الثانية والثالثة بل والرابعة 
اذ ان التخلص من تلك الانظمة الفاسدة وفلولها وملحقاتها وجبل الفساد المعمور فى اعماق الاجر اءات والتمويهات يستدعى قتل تلك الاوطان او بتر جزء منها او تفتتها وتشظيها دويلات كما نرى الان فى ليبيا والعراق وسوريا واليمن وما يجرى فى مصر من تبلور لنفس المعنى الانقسامى التشققى 
ولذا يا اعزائى التصور لما جرى جزء من معركة لازالت قائمة بين ما يعرف باميريكا اللاتينية المختلطة واميريكا الشمالية العنصرية الطبقية المستعلاه الكائدة الماكرة المتلاعبة باقدرا الاوطان بشعوبها ليس فى بحر وخلجان الكاريبى وحسب وانما فى شتى انحاء العالم 
فلا تلطقوا احكامكم على اسكوباروا مطلقة وانما اربطوا بينها وبين تلك الحرب القائمة 

محبتى

تعليقات