الدولة المنشودة - 1

دعونا نبحث فى هذه التدوينة عن دولتنا المنشودة والتى تتوافق مع كافة القوالب الانسانية 
وتضع لها ارضية مشتركة تقف عليها على ابعاد موحدة ومستويات متكافئة 
وقانون يكفل الحياة الكريمة للجميع ويحميهم على قدم المساواة من الاخر بل ومن انفسهم 

ولنجد ما ننشده علينا ان نستعرض الراهن والماض وما بينهما من حياة مر بها الانسان 
ولنقل هنا ان المجتمعات الانسانية قديمة قدم وجوده على سطح هذا الكوكب 
ومن بداية الخليقة والناس تعيش وفق اسس وقواعد واحكام يرتضوها بالعدل او بالقهر ويتعايشوا معها ليسيروا حياتهم بنظام كمستهدف رئيس وبنتائج متباينة من محورية ما يصب فيه النظام هذا اذا كان عادلا من حياة انسانية متناغمة 
او ظالما فى حيث يصب فى منفعة الظلمة الحاكمين على مدار التاريخ الانسانى 

ويقول ابن خلدون حول الدولة فى مقدمته الشهيرة : 

"الدولة كائن حي له طبيعته الخاصة به، ويحكمها قانون السببية، وهي مؤسسة بشرية طبيعية وضرورية، وهي أيضا وحدة سياسية واجتماعية لا يمكن أن تقوم الحضارة إلا بها"
 "أن الدولة التي تُحكم وفق الهوى والشهوة هي الدولة الفوضوية التي تحكمها الغرائز، وهذه أساسٌ لخراب العمران وعدم نهوض الحضارات" 

وننطلق من كلام ابن خلدون رحمه الله لنبحث ليس وفقا لاراشده عن الدولة المنشودة ولكن واضعين فى الاعتبار ما قاله فى السطور انفا كمعيارية مصطحبة فى البحث ونبدا بحثنا فى المدونة باستعراض اليات الحكم الان للدول وما لها وما عليها 


الديمقراطية 


ولدت الديمقراطية في أثينا ، وكانت ديمقراطية مباشرة ، أي أن كل الشعب يصوّت ويقرر ما يريد. والمفروض أن هذه الصيغة مثالية ، ومع ذلك فإن أغلبية المواطنين لا يتوفر لديهم الإطلاع الكافي الذي يسمح لهم باخذ القرار ، ومعنى ذلك أن الذين لا تتوفر لهم المعلومات ، هم الذين يحسمون نتيجة التصويت ويأخذون قراراً مبنياً على الجهل. 

من الناحية العملية فإن الديمقراطية المباشرة لم تعد ممكنة ، مما قادنا إلى الديمقراطية بالتمثيل ، أي أن المواطنين ينتخبون ممثليهم في البرلمان ليصوتوا ويقرروا ويعبروا عن إرادة الشعب. 

لكن المشكلة أن الانتخابات العامة ليس شاملة. في حالة الأردن مثلاً بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة 37% فقط ، وحصل الفائزون على 19% من الأصوات فكيف يمكن أن تمثل هذه الأقلية رأي الشعب؟.

 في استطلاع رأي أن 70% من الشباب في بريطانيا يؤيدون البقاء في الاتحاد الأوروبي ، ولكن 36% فقط ذهبوا إلى الصناديق وأدلوا بأصواتهم. تأتي يعد ذلك تعقيدات القضايا المطروحة ، التي لا تصلح فيها كلمة نعم أم لا ، كالتصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي حيث أدلت بأصواتها مجموعات لا تدري ما هي نتائج هذا الخروج!

 ينطبق ذلك في حالتنا على التصويت لصالح اتجاهات موسعة مثل الدولة المدنية ، حيث لا يمكن القول بأن الذين لم ينتخبوا قائمة الدولة المدنية يفضلون دولة دينية أو عسكرية. إرادة الأغلبية قد تكون مخطئة ، يكفي القول بأن 51% من الأميركيين يؤيدون منع المهاجرين المسلمين من دخول أميركا ، وتؤيد نسبة مشابهة السماح للطلبة في سن 14 أن يحملوا السلاح في المدارس ، فهل يعقل أن تؤخذ هذه الانحرافات مأخذ الجد لمجرد أنها حصلت على إرادة الأغلبية؟

وأخيراً ماذا نقول عن أولئك المبدعين الذين يجاهرون برأي مخالف للتيار العام ، هل نعتبرهم رواداً في الرأي ام خصوماً للإرادة الشعبية. أخيراً فإن الكونجرس الأميركي ، الذي يفترض أنه يمثل إرادة الناخبين ، رفض وضع قيود على شراء وحمل السلاح بالرغم من أن 90% من الشعب الأميركي يؤيد هذا الإجراء ، وبعد ذلك نقول أن الديمقراطية بالتمثيل تعبر عن إرادة الشعب ، وأن الشعب مصدر السلطات ولكنه يمارس السلطة عن طريق نوابه المنتخبين 

ومن عيوب الديمقراطية بوضعها الراهن فى العصر الحديث ان كثير من المؤثرات تشكل نتائج الاستفتاءات والانتخابات كالاعلام والمال السياسى بل والعبث بالصناديق وحتى بالفرز الالكترونى كما حدث بين آل جور وبوش الابن ولذا فيعتبر التشكيل المشاع للالية الانتخابية والاستفتائية اى الاقتراع السرى من ثقوب وثغرات الديمقراطية التى علينا ان نسجلها هنا فى سبيلنا للبحث عن الدولة المنشودة ونظمها الادارية 

ونتجول عبر النظم والاليات ونمضى فى طريقنا لنمحص اليات تستوعبها الديمقراطية الان وتمارسها احيانا النظم الشمولية كاسلوب ادارى من اشتراكية شيوعية او ليبرالية راسمالية او ما يشابههما من قريب او بعيد ولكنهما اى الشيوعية الاشتراكية والليبرالية الراسمالية يمثلا شقى المعادلة العلمانية الديمقراطية الحاوية لنظم الحكم القائم للدول فى عالمنا الراهن ونبدأ بــ 

الليبرالية الراسمالية 


المصطلح معتمد على تعريب لكلمة ليبرتي (liberty) التي تعني الحرية من كل مؤثر خارجى ، والمعنى انها الحرية من تاثير الدين والقبلية والاثنية وحتى الايدلوجيات المختلفة عن الليبرالية على مسارها فى تولى انظمة الحكم للدول وبالطبع هذا فى حد ذاته شكل من اشكال الاستئثار بالحكم واقصاء الاخر والحاد متوارى
لان من ضمن المؤثرات الخارجية التى تدعوا الليبرالية للتحلل منها التاثير العقدى والذى بالطبع من ورائه التاثير الربانى بالنواه والاوامر وتقوم الليبرالية في الشق السياسي على حقوق وحريات الفرد، قبل الجماعة، وليس لحكومة أو سلطة حق في التصرف فيها. 

أما في الشق الاقتصادي فالاختلاف أعمق وأوسع، فبعض الليبراليين يرى أن تقديم العون للفقراء من واجبات الدولة، وآخرون يرون أن هذا ليس من شأنها. 

كتعبير مستورد إلى العالم العربي، تطلق صفة "ليبرالي" على أشخاص لو دققنا فعلا في مدى قبولهم لمبادئ الليبرالية، خاصة ما يتعلق بالحريات الفردية، سنجد أنهم ليسوا ليبراليين حقا، وأفضل مثال على ذلك صحفيون يسمون ليبراليين لكنهم مؤيدون لأنظمة حكم أو أحزاب لا صلة لها بالليبرالية بل انهم تماما ينكرون حرية الفرد فى المظهر الاسلامى والاختيار للمرشح والمنهج الاسلاميين فى مصادرة معلنة لحرية الفرد التى تنص عليها الفكرة الليبرالية فى الاساس. 

وفي المقابل نرى الليبرالية في المجال الاقتصادي/المالي والتى هى اليات السوق المفتوح والراسمالية الفجة والتى لا حدود لها كمرجعية التحرر من كل قيد وشرط بالمبدأ الليبرالى العام ، وكان عمليا مسار الراسمالية الليبرالية الذين افقا ر هذه وتلك من البلدان العربية من خلال خصخصة مؤسسات القطاع العام وفى المقابل غلاء القيم وتدنى الخدمات وتحميل كلتا الازمتان على كاهل المواطنين 
بالبطع لا يحدث ذلك فى التطبيق الغربى حذافيريا لليبرالية الراسمالية ولكن بلا ادنى شك ان شق كبير منه يحدث ويدلس عليه بالانظمة الائتمانية التى تحول المواطن لاسير لدى الكريدت كادر والتامينات الاجتماعية 

وهناك علاقة استيعاب من الديموقراطية لليبرالية ، وهى علاقة متوترة، أو علاقة ابن عاق بام ، فالليبرالية أساسها الفرد، والديموقراطية أساسها الشعب والمساواة. ولم تُقبل الليبرالية كالية من ضمن نظم الحكم الديمقراطى إلا بعد التوفيق بين الليبرالية والديموقراطية، بحيث لا تكون الديموقراطية "دكتاتورية الأغلبية"، أو دكتاتورية بالتصويت. 

ولذا تم اعتماد فكرة الدستور الذي يصون الحقوق الفردية، وينظم العلاقة بين الفرد والشعب من جهة والدولة من جهة أخرى. ويمكن القول إن الليبرالية والديموقراطية وجهان لعملة واحدة، فلا يعتبر نظام ما ديموقراطيا إذا كان يحكمه مدى الحياة شخص واحد، ولكن قصره مفتوح لكل الشعب. وكذا الحال بالنسبة إلى نظام يسيطر عليه حزب واحد، أو توجد فيه أحزاب عدة، ولكنه الحريات الأساسية غائبة أو مقيدة بقيود شديدة. خلاصة الموضوع أن الليبرالية ليست مديحا أو زما ، وحدود الليبرالية سياسيا واقتصاديا غير ثابتة لأنها محل خلاف دائم، وخاصة في ما يتعلق بالحريات ومداها في الشق السياسي، والعدالة والرعاية الاجتماعيتين في الشق الاقتصادي، وبناء على ما سبق، يجب أن يعي كل من يطالب بالإصلاح والحرية والديموقراطية أنه يطالب أيضا بالليبرالية وضبابيتها فى كثير من الامور وعلى راسها ما مدى حرية الفرد والى اين وما مدى هيمنة الالية واقصائها للاخر وفق هذا الحرية المطلقة من اى قيود التى تعنيها الكلمة وتتوافق معها الياتها ولعلى استحضر هنا من مشاهد الليبرالية فى اميريكا ان فى ولاية ما خرج قانون ورائه منادون وجمعيات وافراد يبيح التعاطى للجنس دونا عن السن المشروع قانونا او شرعا (الاطفال) وحتى مع كلا النوعان ، لذا فالمطالبة بإقامة نظام ديموقراطي يترتب عليه استحقاقات من قبيل حريات أساسية لا تضيقها أو توسعها السلطة ليناسب مقاسها ولونها السياسي أو الأيديولوجي وفقا لتحوصل الليبرالية على جدران الديمقراطية فى طرح من اطروحات اليات التنفيذ 

وننتقل من الليبرالية الراسمالية وما لها وما عليها ونمضى قدما الى 

الشيوعية الاشتراكية 


تعتمد الشيوعية وتقوم اساسا على إنكار وجود الله تعالى وكل الغيبيات والقول بأن المادة هي أساس كل شيء واثر ذلك فسروا تاريخ البشرية بالصراع بين البرجوازية والبروليتاريا (الرأسماليين × الفقراء) وينتهي هذا الصراع حسب زعمهم بدكتاتورية البروليتاريا وللوصول لذلك ولان الكنيسة كانت تسهم فى تسلط الراسماليين على رقاب الفقراء اشهروا الحرب على الأديان ويعتبرونها وسيلة لتخدير الشعوب وخادماً للرأسمالية والإمبريالية والاستغلال والاشتراكية الشيوعية فى مجملها واسسها العريقة تحارب الملكية الفردية ويقولون بشيوعية الأموال وإلغاء الوراثة وتتركز اهتماماتهم بكل ما يتعلق بالمادة وأساليب الإنتاج ووفق قواعدهم المعلنة :
"إن كل تغيير في العالم إنما هو نتيجة حتمية لتغيّر وسائل الإنتاج وإن الفكر والحضارة والثقافة هي وليدة التطور الاقتصادي المادى الملموس" 

وهم على مستوى اجتماعى انسانى يؤمنون بأن الأخلاق نسبية وهي انعكاس لآله الإنتاج ويعتقدون بأنه لا آخرة ولا عقاب ولا ثواب في غير هذه الحياة الدنيا فهم يؤمنون بأزلية المادة وأن العوامل الاقتصادية هي المحرك الأول للأفراد والجماعات ولذا فالموجب دكتاتورية الطبقة العاملة للوصول الى الحكومة العالمية 

وتنكر الماركسية الروابط الأسرية وترى فيها دعامة للمجتمع البرجوازي وبالتالي لا بد من أن تحل محلها الفوضى الجنسية. ونستعرض اقوال قيادات الشيوعية الاشتراكية فى انحاء العالم 

قال لينين: "إن هلاك ثلاثة أرباع العالم ليس بشيء إنما الشيء الهام هو أن يصبح الربع الباقي شيوعيًّا" 
وهذه القاعدة طبقوها في روسيا أيام الثورة والتى كان ضحاياها ما يزيد عن 30000000 نسمة ، وكذلك في الصين وغيرها حيث أبيدت ملايين من البشر، كما أن اكتساحهم لأفغانستان بعد أن اكتسحوا الجمهوريات الإسلامية الأخرى كبُخاري وسمرقند وبلاد الشيشان والشركس، إنما ينضوي تحت تلك القاعدة . 

يتبع >>>

تعليقات