الدولة المنشودة - 2 _ أ

الدولة فى التاريخ




حين نتحدث عن الدولة فى خضم بحثنا عن الدولة المنشودة ، نمضى الى التاريخ وما هى اشكال الدولة فى التاريخ وحسب البحث العلمى أظهرت دراسة الأحفوريات وتحليل الحمض النووي للمتقدرات أدلة تشير إلى أن الإنسان الحديث كان في أفريقيا قبل حوالي 200 ألف عام. الآن يستوطن البشر كل القارات ومدارات الأرض المنخفضة بعدد إجمالي يصل إلى 7,3 مليار نسمة وذلك بحسب إحصائية 2013. 
 
 وعليه من غير الممكن ان الانسان امضى كل تلك المسافة الزمنية دون تشكل دولة تدير مجتمعاته التى كانت على مر الزمان فليست الدولة هى فقط الدولة الحديثة التى تفرضها نظريات القرن التاسع عشر والعشرين الاجتماعية والسياسية والاقتصادية منفردة او معا ولعلى لا اكذبكم قولا ان قلت ان لعل الكثير من الدول التى قامت على مر التاريخ كانت افضل شكلا ومضمونا مما اقترحته او افترضته نظريات العصر الراهن ان اعتبرناه قد بدا فى التشكل على هذا النحو من القرن التاسع عشر وصولا للراهن القائم فى الالفية الثالثة وعقديها الاوليان ، وما نشعره حاليا من كون تشكيل الدولة على النحو الذى نظره القائمون على الامر منذ التاسع عشر حتى يومنا الراهن لم يحقق اشواق الانسانية للفضيلة والحب والخير والجمال.
 
ومن هنا نراجع ما وصل الينا وما هو متصور من اشكال الدول واعرافها وقوانينها التى مرت بالانسانية لننظر لما مر على جانبى قطار رحلتنا نحو دولتنا المنشودة والتى ياتى فيها الانسان فى المقام الاول وعلى منهجية وقيم وقواعد الفضائل الانسانية المتفق عليها وايضا التى علينا ان نضع لها معيارية واضحة المعالم والتفاصيل لنصل الى مرافئها وما يصاحبها ويمتزج معها ويتناغم من قواعد تحافظ على البيئة التى يعيش فيها الانسان على كوكبنا الام الارض .

وهنا نقول انه من المعروف بالبحث المعملى والتحليل القيمى والادراك المعاش ان الإنسان مثل معظم الرئيسيات العليا كائن اجتماعي بطبعه. ولكنه بشكل فريد بارع في استخدام نظم التواصل للتعبير عن الذات وتبادل الأفكار والتنظيم.
كذلك يقوم الإنسان بتنظيم هياكل اجتماعية معقدة بالمشاركة مع مجموعات متعاونة ومتنافسة، بدءًا من تأسيس العائلات وانتهاء بالأمم.
والتفاعل الاجتماعي بين البشر أسفر عن ظهور عدد واسع ومتنوع من المعايير الأخلاقية والقيم الاجتماعية والطقوس الدينية التي تشكل عملياً أساس كل مجتمع إنساني.
كذلك يتميز الإنسان بحسه الجمالي وتقديره وتذوقه للجمال وهو ما يبعث في الإنسان الحاجة للتعبير عن الذات والإبداع الثقافي في الفن والأدب والموسيقى.
ومن المعروف عن البشر أيضاً رغبتهم في الفهم والتأثير على محيطهم البيئي وحاجتهم للبحث والاستفسار عن الظواهر الطبيعية، ومحاولة فهمها ومعرفة القوانين التي تضبطها، من هنا ظهر الدين والمثولوجيا والفلسفة والعلوم.
ويتميز الإنسان بالنظر للأمور بنوع من الفضول والتبصر أدى به إلى اختراع الأدوات الدقيقة وتطوير مهاراته، ونقلها للآخرين عن طريق التبادل الثقافي.
إضافة إلى ذلك يعتبر الإنسان الكائن الحي الوحيد الذي يقوم بإشعال النيران وطهي طعامه، والكائن الحي الوحيد الذي يقوم بارتداء الملابس وابتكاره للعديد من التقنيات التي تساعده على زيادة فعالية ما يقوم به من أعمال.
ومن هذه البديهيات المدركة بحثا وتحليلا نصل الى ان الانسان ما كان ليستمر ويتضاعف على هذا النحو الا اذا كان من قدم التاريخ نظم كل تلك المعطيات السالف ذكرها فى اطار يحميها وجعل الكثير منها محفوظ الى الان فى شكل اثار وعادات وتقاليد واعتقادات

وقصة وجود الانسان على هذه الارض تخضع لنظريات وعقائد منها ما لا يقبلها العقل ولا المنطق ، ومنها ما يتقارب من بعضها البعض كنظريات وعقائد ، الى الحد الذى يجعلها تشكل دليل على بعضها البعض مع اختلاف المنطوق ان صح التعبير

وهناك تصور يطلق عليه التصميم الذكى ، ويعتبر معتنقوا التصميم الذكي أن البشرية هي نتيجة تكوين إرادي قام به اله او رب حكيم وأن الإنسان خلق بكماله وصورته الحالية منذ اللحظة الأولى. وهى فكرة الخلق في الديانات الإبراهيمية كالديانة اليهودية، والمسيحية والإسلام، حيث تؤمن بأن الله خلق ادم عليه السلام من طين و زوجه من ضلعه الأيسر او الايمن ليس المكان محور خلاف.
وما يشابهها من تصورات حداثة وعلم تحليل وتنظير احيائيين وفلاسفة علوم تطبيقية جانحة لتخيال تصورى بناءً واستنادا على قواعد واحداثيات متوفرة على ارض الواقع وهى نظرة بعض التيارات الحديثة التي تعتبر أن الإنسان هو من صنع مخلوقات من كواكب أخرى أتت إلى الأرض وقامت بتغييرات جينية لصنف من الحيوانات المتطورة، مثل الشمبانزي، لتعطيه ملكة الإدراك.
وأنطلقت هذه النظريه إثر كتابات إنريك فون داينيكن الذي أطلق نظريات الأله الإتية من الفضاء ثم تطورت لتتحدث عن تغييرات جينية قام بها هؤلاء المخلوقات لتحسين جينات فصيلة الحيوانات الرئيسية لتصبح أجداد الإنسان الحالي.
لقيت هذه النظريات الرفض الشديد من رجال العلم إلا أنه هناك العديد من التجمعات والأفراد الذين يؤمنون بها مثل الرائيليين و كان أنيس منصور من أشهرهم في العالم العربي وبالطببع سيقول البعض من الدينيين مثلا ما وجه الشبه ؟
وهنا ننظر للامر من حيث ايجاد سببية معقولة وان كانت ليست هى ما تتوافق مع الفكرة الدينية على الاطلاق فهم يقولون هنا ان يد ما تدخلت لايجاد الانسان بشكله الراهن على هذا الكوكب وان كانوا اوعزوا ذلك لمخلوقات فضائية وانهم غيروا فى التشكيل الجينى لكائنات قائمة مثل الشمبانزى ففى نظرى ان مرجعية هذا العلمية بلا اعتقاد دينى تجعل تشابهها كنظرية مع الاعتقاد الدينى قريبتان الى حدود التطابق ، فوحدة العناصر والتقارب الجينى بين الشمبانزى والانسان هم دلائل على مصدر المخلوقات وهى الارض والتى بها نفس العناصر وان كانت الاديان قد وضحت ان تلك الارض اخذت منها رمال وبلت بالطين واضحت جدلة طين ونفخ فيها الله لتكون الانسان ادم اول الخلق فهذا يحلل بدقة ما وصل اليه اولائك المنظرين حول وحدة المصدر واليد المبتكرة وان كانت النظرية لم تنسبها الى الله سبحانه الا انها اقرت بوجود يد مبتكرة لهذا الانسان، على عكس ما تقوله نظرية النشوء والتطور والانفجار الكونى والتغير والتطور بالصدف الطبيعية والطفرات ،بل وهى على مستوى الاعتناق افضل الاف المرات واشد قربا من الصواب الدينى الحق مما نضح في أساطير بلاد ما بين النهرين، بإن الإله مردوخ خلق الإنسان من دم عدوه كينغو لتقوم ذريته بخدمة الآلهة وأتباعه الذين تركهم على الأرض. أما في الأساطير الهندية، فإن الإنسان خلق من جسم الإنسان الأول بريما بعد التضحية به فداء لكبار الألهة والشطر الاخير من قصة بريما للعلم مع اختلاف المحور للمدونة الا انها على سبيل الذكر هى نفس تفاصيل القصة التى حيكت حول صلب المسيح عليه السلام والذى لم يصلب ولم يقتل وله يوم معلوم من ربنا سياتى ليصحح تلك المفاهيم فى عقول من سيتواجد ممن اتبعوه.

ونخرج من متى وكيف كان الانسان اللبنة الاولى لهذه الدولة القديمة وهو اللبنة الاساسية للمنشودة التى نسعى ورائها الان عبر سطور هذه المدونة ، لنمضى الى محور المدونة متى كون الانسان اول دولة له على وجه الارض وكيف كانت ثم سقطت وما الذى تلاها من دول.

أختلف المؤرخون في تحديد أقدم حضارة على وجه الأرض، ولكن إجتمع الأغلبية حديثاً على أن الحضارات التي نشأت على ضفاف وادى النيل وفي بلاد الرافدين، هي أقدم حضارات العالم . 
 

حضارة كرمة (كوش) (بالإنجليزية: Kerma)

من أقدم الحضارات والمدن التاريخية التي أثبت علماء الآثار ان هذه المدينة عمرها اكثر من 9500 عام، واسمها النوبي هو دكي قيل وهي كلمة تعني التل الأحمر (حتي اليوم) باللغة النوبية المعاصرة. وكانت عاصمة الكوشيين، تقع في الولاية الشمالية من السودان على الضفة الشرقية لنهر النيل.
كانت كرمة مركزا لحضارة كرمة نحو 9500 قبل الميلاد ، وتعد أحد مراكز الحضارة الغنسانية القديمة . وتقدمت تلك الحضارة مع الزمن ونشأت فيها مملكة كانت ذات شأن كبير وعلى اتصال بدولة الفراعنة التي تقع شمالا منها .
عثر في مدينة كرمة على صرح كبير مبني من الطوب اللبن ، يسمى اليوم "الدفوفة الغربية".
ويختلف العلماء في تحديد وظيفة هذا الصرح الضخم الذي يبلغ ارتفاعه نحو 19 متر ، ويرجحون انه أما كان قصرا للملوك أو معبدا .
كما عثر على أعداد كبيرة من مباني عمرانية قديمة و قبور ، يبدو أنها كانت في خدمة الملوك .
كانت تلك المنشآت مستديرة أو بيضوية. كما عثر على آثار تشير إلى تضحيات بالبشر. وعثر على بقايا مقتنيات وأواني من مصر ما قبل الفرعونية وما بعدها تدل على تبادل تجاري بين المملكتين كبير ، وربما جاء بعضها إلى الكرمة من خلال غارات لأهل كرمة على جنوب مصر.
عندما ضعفت مملكة كرمة استولى عليها فراعنة مصر نحو 1400 قبل الميلاد (تحتمس الثالث) وبقيت تحت نفوذ سلطتهم قرونا عديدة . وانتعشت الحياة في مدينة كرمة حتى نهاية عهد المريوت ، وتعرف في المخطوطات المصرية القديمة بـ "بنوبس". كان يشغل وسط المدينة معبدا للإله أمون ، قام ببنائه تحتمس الرابع على الرغم من وجود بعض الآثار المصرية من عهد أقدم، وفي عهد الفرعون أخناتون حوّل المعبد لتقديس الإله آتون .
كان ذلك خلال الأسرة المصرية الثامنة عشر (نحو 1340 قبل الميلاد). خلال الاسرة 25 وحكم الملك شباكا (716 -702 قبل الميلاد) غير شباكا في بنية المعبد، وعثر على مخبأ يرجع تاريخه على حكم الملك بيلتا وجدت فيه عدة تماثيل لحكام نوبيين، كما أقام الملك أيريكماني بعض المنشآت.
وفي عهد مملكة كوش عدلت المنشآت والمعابد، واستخدم فيها الطوب الأحمر المحروق،ويبدو أن المكان غودر من السكان نحو 400 بعد الميلاد.



وعن طبيعة الدولة مذ تاسس مملكة كرمة علينا ان نصغى بعناية للاساطير والسطور المخطوطة عل الجدران والبرديات وجلود الشاة 
فلقد ميزت حضارة كرمة بالعديد من الجوانب ، من أهمها نشأة دواوين لقاء الملوك بالجماهير لحل المعضلات الشعبية وهى التي لم يعثر علي شبيه لها في الحضارات القديمة الاخرى بعدها لا السومرية العراقية ولا الفرعونية المصرية أو اي حضارة اخري، وعثر في كرمة علي أكثر من 10 من هذه الدواووين
كما تميزت كرمة بوعي الناس لأهمية التنسيق بين الزراعة ورعى الماشية وتربيتها ، كما تميزت بنوع خاص من صناعة الفخار وتجلى فيها ابداع ينوه عن مدى الاريحية الناجمة عن الحرية واللا طبقية التى كان ينعم بها الانسان فى حضارة كرمة الاولى قبل تطورها الى ملكيات استعلائية استبدادية الهت حكامها .وهذا فضلاً عن انها دوماً ما عرفت بأنها العاصمة الأولي للوجود البشري 

>> يتبع >>

تعليقات